لماذا مقارنة نفسك بالآخرين أو بمن كنت عليه بالأمس ليست فكرة جيدة؟**
الكثير منا يميل إلى مقارنة نفسه بالآخرين أو بمن كان عليه في الماضي، معتقدين أن هذه الطريقة ستدفعهم نحو النجاح أو العظمة. ولكن الحقيقة هي أن مقارنة نفسك بالآخرين أو بمن كنت عليه بالأمس ليست الطريقة الصحيحة لتحقيق النجاح أو العظمة. بل قد تكون هذه المقارنات مصدرًا للضغوط والمشاعر السلبية.
**مقارنة نفسك بالآخرين: الطريق إلى الفشل**
عندما تبدأ في مقارنة نفسك بالآخرين، قد تجد أنك تضع معايير غير واقعية لنفسك بناءً على ما أنجزه الآخرون. يمكن أن يؤدي ذلك إلى الابتعاد عن مسارك الخاص ويجعلك تسعى وراء أهداف ليست ملائمة لك، مثل المال أو الشهرة أو المكانة الاجتماعية. هذا قد يبعدك عن ما أنت متمكن منه بالفعل، ويجعلك تسعى لتحقيق أشياء قد لا تجلب لك السعادة الحقيقية. **المال والنجاح** لا يدومان إلا لأولئك الذين يركزون على *إتقان مهاراتهم* وتحقيق "مهمة حياتهم" بدلاً من ملاحقة أهداف الآخرين.
**مثال على تأثير المقارنة السلبية:**
لنأخذ مثالاً عن شخص كان لديه قيم أخلاقية قوية، وكان يحافظ على توازنه ويبتعد عن الممارسات السيئة مثل القمار والغش. كان يركز على عمله وأهدافه بطريقة صادقة. ولكن مع مرور الوقت، بدأ يقارن نفسه بأشخاص ناجحين في وسائل التواصل الاجتماعي، الذين يظهرون حياة مليئة بالمال والشهرة والرفاهية. بدأ يشعر أن هذه هي معايير النجاح، فقرر أن يبدأ في تداول الأسهم والقمار على أمل أن يصبح مثلهم.
في البداية، كان يعتقد أنه سيحقق الثراء بسرعة، مثلما رأى في الحسابات اللامعة على الإنترنت. ومع مرور الوقت، بدأ يغامر بأمواله، ويخاطر بشكل مفرط. ومع كل خسارة، بدأ يفقد جزءًا من قيمه التي نشأ عليها، وأصبح يطارد المال بدلاً من تركيزه على قيمه الأساسية. في النهاية، لم يحقق الثراء الذي كان يطمح إليه، بل أصبح مديونًا ومرهقًا عاطفيًا، وكان قد فقد توازنه الشخصي في سعيه وراء ما رآه على السوشل ميديا.
**الحظ والقدر في النجاح**
الحظ والقدر لهما دور كبير في النجاح. بينما يمكننا أن نعمل جاهدين لتحقيق أهدافنا، لا يمكننا تجاهل أن الحظ يمكن أن يكون له تأثير في تحديد الفرص التي نصادفها. الرئيس أوباما قال في إحدى جلسات الأسئلة والأجوبة: "في كثير من الأحيان، يكون الأمر مجرد مصادفة. لكن أن تكون مفيدًا وأن تساهم؟ هذا كله تحت سيطرتك بالكامل." أي أن النجاح لا يعتمد فقط على الحظ أو القدر، بل على ما نختار فعله في حياتنا.
**البحث عن مسارك الحقيقي**
إذا كنت تسعى وراء النجاح الحقيقي، فلا ينبغي أن تكون أهدافك مجرد التفوق على الآخرين أو أن تكون "أفضل" من الشخص الذي كنت عليه بالأمس. بدلاً من ذلك، يجب أن تركز على إيجاد "مهمة حياتك" - ذلك العمل الذي تشعر أن لديك ميولًا وقدرة طبيعية له. هذا هو المسار الذي ينبغي أن تسعى إليه. عندما تجد مسارك الحقيقي، ستقل المقارنات مع الآخرين، وستشعر بالسلام الداخلي لأنك تعمل على شيء ذو معنى بالنسبة لك.
**الاستقرار الداخلي وترك المقارنات**
من خلال العمل على مسارك الحقيقي، تصبح أقل ميلًا لمقارنة نجاحك مع نجاح الآخرين. كلما كنت أكثر رضا عن المسار الذي تسلكه، كلما ابتعدت عن مقارنات مدمرة مع الآخرين. النجاح لا يمكن أن يتحقق عبر سعيك وراء أهداف غيرك، بل يجب أن ينبع من إتقان ما تحب وتحقق فيه التفوق.
**خلاصة**
الحياة ليست حول أن تكون أفضل من الآخرين أو أكثر نجاحًا منهم. إنها حول أن تكون مفيدًا للآخرين وأن تجد مسارًا يتماشى مع قدراتك الطبيعية واهتماماتك. كما قال فيكتور فرانكل: "النجاح، مثل السعادة، لا يمكن السعي إليه؛ يجب أن يحدث بشكل طبيعي كنتيجة لإخلاصك لسبب أكبر من نفسك."
---
**نصيحة ختامية**: ابحث عن مسارك الحقيقي وركز على إتقان ما تحب، بدلاً من المقارنة بالآخرين أو بالأمس.
بالطبع، إليك مثالًا آخر يوضح كيف يمكن للمقارنة بالآخرين أن تجعل الشخص يخرج عن مسار حياته الحقيقي، ويتجه نحو مسار خاطئ، مما يؤدي إلى ضياع قيمه وأهدافه:
---
**مثال آخر: الخروج عن المسار الحقيقي بسبب المقارنة**
لنأخذ مثالاً عن شخص كان يعمل كأستاذ في مدرسة، وكان شغوفًا بتعليم الطلاب ومساعدتهم على بناء مستقبلهم. كان لديه رسالة واضحة في الحياة وهي أن يساهم في المجتمع من خلال العلم والتعليم، وكان يحقق توازنًا جيدًا بين حياته المهنية والشخصية. ومع مرور الوقت، بدأ يتصفح وسائل التواصل الاجتماعي، وبدأ يرى الأشخاص الذين يحققون أرباحًا ضخمة من التداول في الأسهم، أو من خلال التسويق عبر الإنترنت، أو حتى من خلال اللعب في الكازينوهات الإلكترونية. هؤلاء الأشخاص كانوا يعرضون أنفسهم وكأنهم يعيشون حياة خيالية مليئة بالمال السهل والنجاح الفوري.
بدأ هذا الشخص يشعر بالضغط والتساؤل: *لماذا لا أستطيع أنا أيضًا أن أحقق هذا النجاح؟* *لماذا أظل في وظيفة ثابتة بينما آخرون يحققون ثروات ضخمة بطرق سريعة؟*
بدايةً، كان يعتقد أنه يمكنه الجمع بين مهنته كأستاذ وما يراه على الإنترنت، فقرر البدء في تعلم التداول والاستثمار في الأسهم. ومع مرور الوقت، بدأ يخصص المزيد من وقته لمتابعة الأسواق المالية على حساب وظيفته الأساسية. ثم بدأ في المقامرة عبر الإنترنت على أمل أن يحقق أرباحًا سريعة. وبدلاً من أن يركز على تحسين أداء طلابه وتطوير مهاراته كأستاذ، أصبح غارقًا في متابعة التقلبات المالية، مما أثر على أدائه الوظيفي وعلاقاته مع طلابه وزملائه.
ومع مرور الوقت، بدأ يفقد كل شيء: طلابه بدأوا يلاحظون تراجع أدائه، وأصبح يعاني من ضغوط نفسية بسبب خسائره المالية. تحولت حياته من مسار مستقر وواضح إلى مسار مليء بالمخاطر والمقامرة. بعد أن كان لديه رسالة واضحة في الحياة — تعليم الأجيال القادمة — أصبح الآن يسعى وراء المال السريع. وكان يدرك أنه تخلّى عن مساره الحقيقي، لكنه كان قد أصبح مدمنًا على الحلم بتحقيق الثروة السريعة.
**النهاية الحزينة لهذا المسار الخاطئ**: في النهاية، فقد هذا الشخص معظم مدخراته بسبب المضاربات والتداولات الفاشلة، بل وأصبح يعاني من اضطرابات نفسية وعاطفية بسبب الضغط الذي يعيشه. كما أنه فقد احترامه لذاته، حيث كان يعلم في أعماقه أنه ترك مسار حياته الحقيقي من أجل رحلة غير مؤكدة نحو الثروة.
---
**الدرس من هذا المثال**
ما حدث لهذا الشخص يعكس التحديات التي قد يواجهها الكثير من الناس عندما يقارنون أنفسهم بالآخرين، ويعتقدون أن النجاح يكمن في الوصول إلى الثروة السريعة أو الشهرة التي يرونها في وسائل التواصل الاجتماعي. الحياة ليست دائمًا كما تبدو على الإنترنت، والكثير من تلك القصص تنطوي على جوانب خفية من العمل الشاق والمخاطرة، وفي كثير من الأحيان، فشل.
إذا كنت تعمل في مجال ما ولديك رسالة واضحة ومهمة تشعر أنها تعبر عن قدراتك الحقيقية، فمقارنة نفسك بالآخرين قد يدفعك إلى الانحراف عن مسارك. بدلًا من ذلك، يجب أن تركز على إتقان مهاراتك وتحقيق أهدافك الشخصية والمهنية وفقًا لرسالتك الحقيقية. لا تدع مقارنات غير واقعية تُشتّت انتباهك عن الهدف الأسمى في حياتك، ولا تدع النجاح الذي يراه الآخرون يغير مسارك الصحيح.
---
**الخلاصة**
النجاح الحقيقي لا يأتي من مقارنة نفسك بالآخرين أو من السعي وراء المال السريع. النجاح يأتي من الإيمان بمسارك الحقيقي، وإتقان ما تحب، والتركيز على الهدف الأكبر الذي يسهم في تطوير نفسك وفي خدمة الآخرين. كما قال ماركوس أوريليوس: "تجاهل ما يحدث في أرواح الآخرين - لم يأتِ أي شخص إلى حافة الهاوية بهذه الطريقة. لكن إذا لم تتابع ما تفعله روحك، كيف يمكنك ألا تكون غير سعيد؟"
إرسال تعليق