التحرر من الفكر و الاتحاد بالذات الكونية:
مرحبا عزيزي المتنور
أيها المتنور، العقل بشكل آلي يعتمد على الزمكان و يتعامل بالزمن، فبالنسبة له الأمس و اليوم و الغد مرتبطون ببعضهم البعض.
فاليوم بني على الأحداث التي جرت بالأمس و على القرارات التي إتخدت بالأمس و على توقعات الغد لذلك فاليوم أصبح محكوما في اللاوعي بالزمن.
و أحداث اليوم أصبحت محكومة بالزمن،
و كل ما سيجري سيكون محكوم و محدود و مرتبط بالذي حدث بالأمس،
و ما تريد حدوثه في المستقبل و كذلك العقل الألي الذي يتعامل و يصنع الواقع من خلال ارتباطه بالمكان، و يعتقد أن المكان يؤثر في طبيعة الحياة التي يعيشها، و يؤثر في سير الأحداث و يؤثر في أحاسيسه و مشاعره.
فإنا لهذا التأثير كبير و غير جيد على أحاسيس الفرد و مشاعره.
بل يحجز الإنسان في نفس الإحساس طيلة فترة تواجده في ذلك المكان أو تلك البيئة.
و يؤثر في نوعية الأحداث التي يعيشها و كذلك يؤثر في طبيعة الحياة التي يعيشها.
فالعقل الذي يعتمد على الزمكان يصنع لنفسه مساحة ضيقة في كل شي.
سواء في المشاعر والأحاسيس أو في طبيعة الأحداث التي يعيشها أو في نوعية الحياة،
أو نوعية المعتقدات و نوعية الأصدقاء و الأشخاص الذين يصادقون و حتى في طبيعة الفكر الذي يناقشه.
إذن فالعقل الذي يعتمد على الزمكان يصنع لنفسه واقعا ضيق وحريته ضيقة جدا،
بينما الحرية الحقيقية هي تذكران أجمل ما يمكن حدوثه يحدث خارج توقعاتنا و افتراضاتنا،
بل يحدث بصدفة غير متوقعة اساسا. و أن جمال الحياة لا يمكن إدراكه بعقل معتمد على الزمكان و مرتبط به.
عزيزي القارئ، الحياة تحدث بشكل مستمر و الجمال أيضا مستمر، فأجمل الاحداث و أفضل ما يمكن حدوثه يحدث في تلك المساحة المتحررة من الزمكان
و المتحررة من الخوف و المشاعر الكابحة، فالزمكان ليس الا حاجز يفصلنا عن الذات الكونية المتحررة من الزمن النفسي و المتحررة من كل ما هو أرضي.
حاجز الزمكان ليس الا أخر ما تبقى من الوهم، و تخلينا عن وهم الزمكان هو إتصال قوي بذاتنا الكونية الطبيعية و بداية الجمال.
عزيزي القارى، يبحث العقل الزمكاني عن من أكون، لكنه يعتمد على الزمن و على المكان الذي نعيش فيه و يعتمد على الحواس الخمس
و على المنطق المادي، و لذلك فهو بالكاد يستطيع أن يدرك أننا لسنا عقولنا،
و لكنه لكي نفهم من نكون و نعيش تجربة حقيقية نكون فيها نحن حقيقيون جدا و في إحساس حقيقي
و نعيش تجربة وجودية حقيقية، فلابد أن نترك أدمغتنا في الفراغ، و نعلق عملية التفكير المنطقي الزمكاني
و نراقب أدمغتنا و هي تحاول أن تفكر و تندفع للتفكير، و عوض أن ننتبه لعملية التفكير ننتبه للفراغ،
للمساحة الفارغة في عقولنا. نندفع للفراغ و نراقب الفراغ فقط ،
و نحن نفعل هذا نحن نقك إرتباطنا الوثيق مع الدماغ و شيء فشيئا نتذكر أن هذا الفراغ هو حالتنا الطبيعية الأصلية
و حينها ندرك أن عملية التفكير المبنية على المنطق الزمكاني مخادعة، و هي بمثابة سجن للروح
كما أن المنطق المادي المبني على الحواس الخمس، و بالإعتماد على الواقع الذي ندركه، ليس الا منطق مركبا
و يعقد عملية البحث عن الذات، نتذكر حينها أننا نجد ذاتنا الكونية في الفراغ و ليس من خلال المنطقية المركبة،
بل بعقل متيقظ بالسلام و الهدوء و الصمت، و منتبه للفراغ أكثر من أي شيء أخر. حينها ننتبه للفراغ نميل للهدوء
و الصمت وكلما انتبهنا للفراغ و الصمت كلما إستيقضت فيا ذاتنا الكونية الطبيعية
و حينها ندرك أن الفراغ و التحرر من المنطقية الزائدة هو الجواب و هو بداية الإتصال بالذات الكونية
عزيزي القارى دمت في حرية
إرسال تعليق