المتنور

مواضيع مفضلة

الخميس، 14 مارس 2019

المتنور

المتنور:
             سلاما و حرية،

كل فكرة لها طاقة تكافئها، فأي فكرة تظهر في عقلك لها إمتداد طاقي، و تحمل ذبذبات كثيرة
و أحاسيس معينة و مشاعر محددة.
و كل فكرة لها إمتداد عميق جدا و هائل، فهي تحمل ذاكرة الإنسانية أجمع، و التفكير المستمر لا يؤدي للإبداع
و التجديد بقدر ما هو إعادة إستهلاك للفكر الإنساني.
فالاندفاع للتفكير المستمر لا ينتج شيئاً جديدا بقدر ما يعيد إستهلاك ما تم إستهلاكه سالفا تحت غطاء كلمات مختلفة.

أما الإبداع  الحقيقي و التدفقات و التجليات فهي تحدث في الفراغ و الصمت،
فراغ العقل من الأفكار التي تملئه، و الصخب و الأصوات المزعجة يجعل الإنسان أكثر حيوية و أكثر طبيعية.
العقل الممتلئ بالأفكار الصاخبة و السلبية يميل بشكل تلقائي للشعور بالذنب و الشكوى و التذمر طول اليوم.

بينما العقل الفارغ من كل فكرة يكون طبيعي متوازن  و بشكل طبيعي يحس بالخفة و يميل للأفكار البنائة و الإيجابية
و يقبل على الحياة أكثر، و يمتلك نوعاً من الحماسة و الشغف
كما انه يسعى لحياة فيها جمال، جمال الأحداث و الظروف، جمال الأشخاص و البيئات والأشياء.

فالمتنور لا يفكر كثيرا، بل عقله ممتلئ بالفراغ، و لايحب الدراما و قصص الخيال، بل يدرك الجمال و يجذب الجمال  و ذبذباته الطاقية تتوافق و الجمال.
المتنور يمارس الحياة بصمت، و هو منتبه لما يفعله حاليا في اللحظة الحالية،
كل إنتباهه منصب على ما يفعله حاليا إن كان ينجز شيئا ما فهو منتبه لما ينجزه،
و إن كان يحادث شخصا ما فهو منتبه بشكل كلي للشخص الأخر،
و إن كان يقرء فهو يقرؤ بكل حضور و إنتباه، و إن كان يتكلم فهو يتكلم بكل حضور و إنتباه،
و إن كان في مكان ما فهو حاضر بشكل كامل في ذلك المكان.

فالمتنور ليست لديه اية إرتباطات نفسية بالواقع. الواقع بالنسبة له هو ما يحدث حاليا بكل تفاصيليه و كل ما يستطيع إدراكه بعقله.
ما يعيشه حاليا هي كل الحياة بالنسبة له،   يحس بأن كل شيء في مكانه الصحيح،
و أن ما يحدث حاليا هو ما يجب أن يحدث فعليا، و أنه ليس هنالك أي خطا أو نقص و كل شيء معد سالفا،
وما يعاش اليوم هو نتيجة لتراكمات كثيرة ولأحداث كثيرة و أفكار كثيرة، لذلك كل شيء في مكانه الصحيح.
و أن الواقع يعكس كل شيء كما يجب أن يكون وفق حسابات دقيقة جدا. و أن كل شيء قي المكان الذي يجب أن يكون عليه.

المتنور، يدرك انه هو من يغير واقعه و ليست أية قوة خارجية، و يدرك أن طريقة عيشه في الواقع تؤثر في ذبذباته
و أحاسيسه و مشاعره، و العكس أيضا صحيح، فهو يعلم أن ذبذباته و مشاعره و أحاسيسه تؤثر في طبيعة واقعه.
لذلك فهو يستطيع أن يدرك رابطا بين داخله و خارجه، أي بين ذاته و واقعه.
فهو رابط يسمح للعقل بأن يؤثر في الواقع، و الواقع أن يؤثر في العقل و يكون العقل و الواقع في علاقة تبادلية،
و كل شيء في الواقع يؤثر في العقل بطريقة ما. و كل شيء في العقل يؤثر في الواقع بطريقة ما،
و هذا الرابط بين العقل و الواقع يستطيع المتنور أن يدركه، لأنه ممتلئ بالصمت و لا يفكر كثيرا و اذا إستطاع كل شخص
ان يدرك هذا الرابط الموجود بين الواقع و العقل إستطاع مباشرة أدراك القوة التي يمتلكها الإنتباه،
و إستطاع أن يدرك أنه يجب الاشياء التي يعيرها الإنتباه، و كلما إنتبهت  لشيء ما جاء اليك مسرعا
و أيضا كلما نجح شيء ما في لفت إنتباهك جاء إليك و إنجذب لك.
اذا إستطعت الا تنجدب للجهل و الرجعية و كل أشكال التخلف، و جعلت إنتباهك يجذب الجمال فقط من خلال الإنتباه للجمال
فإنك تخرج من حقل الوعي الجمعي السلبي الى حقل  العقل الكوني و الذات الكونية.
أي تخرج من الحل الذي يربط كل ما هو سلبي الى الحل الذي يربط كل ما هو إيجابي في الحياة.
و الذي يعني أيضا أنك تنفصل عن العقول السلبية و تتصل بالعقل الكوني،
أي تفك جميع إرتباطاتك اللاواعية مع العقول السلبية، و تتصل بشكل واعي مع حقل الذات الكونية، فحين نوقف الدماغ البشري
من الإندفاع، التفكير و المناقشة  و الإنتباه المبالغ فيه الى الواقع الخارجية و الاشياء الخارجية بصفة عامة، نحن نسمح لأنفسنا
بأن تكون طبيعية و ترجع لطبيعتها الأولى و تكون لنا ذبذبات عالية من الإنسجام و الإتصال مع طبيعتنا الأولى
و نصبح إنسانا يندمج بسرعة و يتقبل الظروف بسرعة و الأكثر من ذلك، يتغير بسرعة و يتخلى بشكل كامل عن المقاومة
بكل أشكالها و يتخلى عن الإرتباط المرضي بالواقع و الأشخاص و الأحداث و الأشياء.

عزيزي القارئ دمت في حرية


إرسال تعليق

المشاركة على واتساب متوفرة فقط في الهواتف