أنت تجذب فورا ما تتبه له
عزيزي المتنور
لا أحد يستطيع العيش في مجتمع غير سوي، إلا الإنسان غير السوي و لا يوجد إنسان طبيعي
يقبل العيش في مجتمع ملوث لا يقدر الإنسانية و ممتلئ بالرجعيين.
و العيش في مجتمع ملوث ثقافيا صعب جدا، و الأصعب هو تقبل العيش في واقع ملوث
يصعب كثيرا تقبل مثل هذه البيئات و يصعب كثيرا التناغم معها،
و في أحد المراحل قد تصبح عملية الحياة عبئ و قد تصبح كابحة لروحك المعنوية فأخطر شيء يهدد الإنسانية هو التخلف و الرجعية.
التخلف أو الرجعية قد يولدان أي شيء سلبي غير متوقع، مثل الدمار و الإرهاب و قد يدمران كل أشكال الحضارة في رمشة عين.
فالتخلف هو الذي أحرق آلاف الكتب عبر التاريخ،
و هو الذي قتل فلاسفة و أعدم آخرين و التخلف هو الذي ينتج الحروب و الدمار و يروج للعنف و التطرف
و هو الذي يساهم في نشر الكراهية و السلبية في كل المجتمعات.
و بالتالي فأية مواجهة مع الرجعيين هي مواجهة خاطئة من الأساس،
و ستكون انت فيها الخاسر الأول و أي سعي لمناقشة الرجعيين تبوء بالفشل مند البداية.
فالإنسان الذي يحاول مناقشة الرجعيين أو يحاول أن يثبث لهم قيمة ما أو يحاول نفي شيء ما لهم،
هو فقط يلوث ذاته و يستهلك طاقته و يجد نفسه تلقائيا أصيب بعدوى التخلف و الرجعية و لو جزئيا.
لذلك من الذكاء عدم مناقشة التخلف و من الذكاء عدم الإنتباه و الاكتراث للتخلف،
و من الحكمة ألا نعطيه أي ردة فعل من البداية، و لا نهتم بوجودهم من البداية و الخروج بأقل الخسائر الممكنة.
ذلك أن عدوى التخلف مكلفة جدا و مرهقة للوعي الإنساني، و التخلف إذا أردنا أن نعرفه
نجد انه مقاومة عقلية للواقع.
أو بلغة ابسط هو مقاومة لكل تغيير، مقاومة لكل تجديد، و مقاومة لكل إبداع و لكل شيء جميل،
و مقاومة لكل أشكال التحضر و الوعي.
لذلك لا يمكننا أن نحاول الوقوف في وجه التخلف لنقول له أن هذا الشيء جميل و لطيف ورائع و انه إبداع عظيم
و يستحق الإحترام و التقدير.
لأن التخلف أعمى و لا يرى بعيونه بل يرى بعيون أجداده الذين ماتوا قبل آلاف السنين.
ولا يستطيع الفهم لأن عقله متصل بالماتريكس، و لأن ذاته الكونية منفصلة عنه تماما.
و مواجهتك للتخلف هي مواجهة للماتريكس، و اية مواجهة مباشرة مع الماتريكس تفوز فيها الماتريكس
بسهولة خصوصا في مجتمع رجعي، و العكس صحيح فأية مواجهة مباشرة مع الماتريكس
في مجتمع متنور يفوز بها المجتمع المتنور، وذلك لأن المجتمع المتقدم يساند القيم الإنسانية
و المجتمع الرجعي يساند التطرف و التخلف.
و أول شيء يمكن أن يقوم به الإنسان الواعي و خصوصا في المجتمعات العربية حاليا
التي تشهد طفرة في الوعي لدى جزء قليل من المجتمع أو لدى أقلية فقط من الناس هو عدم الإنتباه للتخلف،
عدم مناقشة التخلف و الرجعية، عدم الدخول معهم في نقاشات مباشرة، وعدم الإهتمام بمواضيعهم
و عدم الاكتراث لما يروجون له في مجتمعهم.
لأن إنتباهك لهم يرسل لهم طاقة و يشجعهم على الإستمرار فيما يفعلونه و تحفزهم أكثر.
عزيزي القارئ دعنا لا ننتبه للتخلف، فأول شيء ينتج عند إنتباهنا للتخلف هي المقاومة.
ندخل بشكل لاواعي نحن أيضا في مقاومة لواقعنا و نعيش بعقلية الضحية و نحس بنوع من الإختناق،
و نوع من الغضب بشكل تلقائي، و نوع من الإرتباك داخلنا و نحس بإنفضال جزئي عن ذاتنا الكونية،
ذلك لأن الماتريكس تتوغل في التخلف و مظاهر التخلف، ففي الواقع هناك إما تنوير أو جهل،
و لا يوجد شيء ثالث، فإما أننا نعيش في التنوير او نسعى له أو نعيش في التخلف و لا ندركه.
فالأحداث و البيئات الموجودة في الواقع إما تكون نتيجة لمجهودات التنوير،
او نتيجة لمجهودات التخلف و لا شيء آخر غير هذا.
لذلك يجب التأكد اولا و آخرا لما ننتبه له كثيرا و يجب أن نتأكد دائما أننا ننتمي لأولئك الذين يسعون للتنوير
و نتذكر دائما هذا و نعيد تذكير أنفسنا بهذا و نعيد الإتصال بذاتنا الكونية الطبيعية على حساب الماتريكس.
فالإنسان المتصل بذاته الطبيعية الكونية يزعجه التخلف و يسبب له مشاعر سلبية و مقاومات طاقية متكررة،
ذلك أن الإنسان الطبيعي لديه حساسية كبيرة جدا، و يستطيع الإحساس بالخير و الشر و يميز الجميل عن القبيح،
أما الإنسان الذي إمتلى بعدوى التخلف يصعب عليه تمييز الشر عن الخير، و يجد صعوبة كبيرة في ذلك.
عزيزي القارئ، هناك خياران فإما تتصل بذاتك الكونية أو سيتصل بك الجهل و التخلف بشكل تلقائي،
فالجهل و التخلف نتيجة للماتريكس و الماتريكس تسعى للفت إنتباهك بأي طريقة ممكنة،
وتعمل على ذلك بكل الطرق الممكنة.
فكل ما تسعى إليه هو لفت إنتباهك إليها فكما تقول اليسيا كارا "الناس تريد صنع شيء كبير و تصنع منه دراما،
و هذا كله للفت إنتباهك اليهم ".
فكل شيء في الواقع يحاول إثارة إنتباهك إليه و الغريب في الأمر هي أن عقولنا ننتبه بشكل تلقائي للتفاهة،
و تنتبه لحياة الناس الخاصة أو للفضائح كما يسمونها.
و للمواضيع السطحية.
و هذا يبعدنا عن ذاتنا الكونية، و كلما إبتعدنا عن ذاتنا الكونية إمتلئنا بالمعاناة،
فإما تنتبه لذاتك الطبيعية الكونية أو سيجعلك عقلك تنتبه لأشياء خارجية ولا تخصك.
فعندما تنتبه لذاتك الطبيعية ستجد نفسك تعيش حياة طبيعية يوما بعد يوم و تميل للحياة الإيجابية الطبيعية
و تميل للسلام أكثر و تنجذب للحرية و الجمال و الإبداع و تعيش حياة فيها جمال و سحر
و تساعدك الحياة بشكل عجيب و مثير، وتهيئ لك ظروف و أحداث مساعدة لبلوغ ذاتك الكونية قدر الإستطاع،
فكما يقول موزارت"انا لا انتبه لحسنات أحد و لا أنتبه لسلبيات أحد، أنا فقط أتبع إحساسي".
فأفضل شيء يمكن أن يحدث لنا، يحدث عندما نكون متصلين بذاتنا الطبيعية الكونية،
و تنتهي المعاناة عندما ننتبه لذاتنا الكونية و نمتلى بالدفء و المحبة حين ننتبه بذاتنا الكونية.
و نصبح أكثر يقضة و حضور حين ننتبه لذاتنا الكونية و تمشي الحياة بشكل متحضر حين ننتبه لذاتنا الكونية،
و نخرج من كل أشكال العنف و الرجعية حين ننتبه لذاتنا الكونية الطبيعية.
و يتغير مزاجنا في رمشة عين إلى الأفضل حين ننتبه لذاتنا الكونية الطبيعية.
فذاتنا الكونية الطبيعية هي حقل من السلام و المحبة و الحرية، لا نستطيع إدراكه الا عندما ننتبه له
و نوجه الانتباه لطبيعة مشاعرنا و طبيعة أفكارنا.
بماذا نحس و في ما نفكر.
إذا كنا نحس بمشاعر سلبية فهذا يعني أننا نفكر في أشياء سلبية،
و يعني أيضا أننا منتبهين لشيء سلبي، أولشيء يدعو للتخلف و الرجعية و إذا كنا نحس بمشاعـر إيجابية
فهذا يعني أننا ننتبه لشيء إيجابي، أوشيء يدعو لإعادة الإتصال بذاتنا الكونية الطبيعية.
و الخلاص من كل أشكال المعانات النفسية تكون حين ننتبه لذاتنا الكونية،
و نسعى للإتصال الكامل بها الذي هو إتصال بمصدر السلام و الحب و الحرية،
و الجمال و الدفء. فأنت تتصل بما تنتبه له إذا كنت تنتبه لذاتك الكونية فأكيد أنت تتصل بها يوما بعد يوم
و كلما إنتبهت لها أكثر كلما زاد إتصالك بها و كلما إتصلت بها إنفصلت عن المعاناة و عن الرجعية و التخلف بكل أشكاله.
عزيزي القارئ دمت في حرية
Post a Comment