الروحانية الناضجة
و الأسطورية
مرحبا عزيزي المتنور
كل شخص يعيش
بروحانية خاصة، و كل شخص لديه جانب روحاني متميز، و كل إنسان لديه نظرة مختلفة و
أفكار مختلفة و تجارب مختلفة لا يستطيع فهمها بالعقل. و لذلك يتبنى روحانية خاصة
به. فالروحانية ما هي الا حالة وعي، هي أمر خاص جدا. بمعنى أمر شخصي جدا. الروحانية
شخصية جدا، فروحانيتي مثلا تختلف عن روحانيتك، و روحانيتك تختلف عن روحانيتي. و
نظرتي للأمور التي لا أستطيع تفسيرها بالعقل هي نظرة خاصة جدا بي.
عزيزي القارئ،
هناك روحانية متشبعة بالنضج العقلاني و الـتأمل الصحيح السليم، و هناك روحانية ممتلئة
بالأساطير و القصص الخيالية الرمزية. فالروحانية الناضجة مبتعدة بشكل واضح و كبير
عن الخرافة، و عن الأسطورة، وعن القصص الخيالية.
الروحانية الناضجة هي ناضجة بسبب الأساس الذي
تعتمده الا و هو التأمل. و التأمل لا يمكن أن يحدث بعقل متشبع بالخرافة و
الأساطير، و إنما بعقل محايد و سليم و يسعى الحرية. و يبني روحانيته على منطق
سليم و على حسب تجاربه الروحية دون إقحام
ايت أسطورة أو معتقدات دخيلة، بل فقط العقل المتحرر من الخرافة، هو الذي ينضج
روحيا. بينما الروحانية المملوءة بالأساطير و القصص الخيالية لا يمكنها إلا أن تكون
روحانية شعبية، غير سليمة و غير ناضجة بعد.
عزيزي القارئ،
الروحانية الناضجة هي ناضجة بسبب عقلانيتها، و بسبب إعتمادها على منطق صاحبها
الناضج و المحايد. و لذلك هذه الروحانية تنموا، تتطور، تتغير و تتقوى. و في كل مرة
يعيش صاحبها تجارب روحية عميقة جدا، تجعله
في النهاية يذرك أنه الكون بأكمله. بينما الروحانية المملوءة بالخرافة و الأسطورة
هي روحانية مسلية و في غالب الأحيان ممتعة. و كحد أقصى تجعل أتباعها منفصلين عن
الواقع، و عن ذواتهم و يعيشون بنوع من الإضطراب، و عدم القدرة على تمييز ما هو
واقعي و ما هو خيالي.
عزيزي القارئ،
الروحانية شيء خاص، و لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن تسقط روحانية ما على المجتمع،
و لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن نربط الروحانية بمجالات الحياة الأخرى. و لا يمكن
للروحانية إلا أن تكون حبيسة دواتنا، و حبيسة عقولنا و فقط.
الروحانية ما هي إلا
ذلك الإحساس المرهف، وذلك الإحساس بنوع من
الخفة و النورانية و القدسية.
عزيزي القارئ،
الروحانية هي محدودة بالإحساس الداخلي والحدس و التخاطر و الظواهر العقلية الأخرى
التي نعيشها. و الروحانية الحقيقية هي أن تستطيع اختبار القدسية التي هي إحساس بأن
كل شيء مقدس في الواقع و أنه كل شخص مقدس و كل حركة هي مقدسة و كل كلمة هي مقدسة
كيفما كانت. وهذه هي الروحانية، أن تستطيع إختبار حالة القدسية و غير هذا فلا يمكن
أن نسميها روحانية. بقدر ما هو إضطراب في الفصل بين الخيال أو الأسطورة و الواقع.
عزيزي القارئ دمت
في سلام.
Post a Comment