مرحباً أيها المتنور
ما تستحقه هو ما تعيشه حالياً في واقعك و ما تراه حولك،
و كل ما يلفت انتباهك إليه، فهو في نفس ذبذباتك
و إذا كان الذي تعيشه غير مناسب لك أو ترى أنك تستحق أفضل منه فما عليك إلا رفع استحقاقك
و رفع استحقاقك لا يكون من خلال رفع ذبذباتك فقط أو من خلال شراء ماديات غالية بغرض التوافق الذبذبي و الشعور بالاستحقاق
بل قد يؤثر عليك هذا بشكل سلبي،
مثلاً : هناك من يستدين ليشتري سيارة فارهة حتى يتوافق و ذبذبات الوفرة و الإستحقاق أو من يحاول شراء ثياب غالية جداً من أجل الظهور بشكل الغني
و هذا في الواقع يجعلهم يبتعدون عن الإستحقاق و يفقدهم جوهر ما يبحثون عنه
المتنور في فلسفته لا يبحث عن الذبذبات و المشاعر في الماديات و في الأشياء من حوله، المتنور يدرك تماماً أن الذي يبحث عن المتعة و السعادة من خلال الماديات يتدهور حاله و يفقد جوهره الحي
و الذي يبحث عن القيم الروحية في الماديات غالباً ما يدخل في حالة من التدمير الذاتي الذي يجعله يخرب كل حياته
و يخرب كل نتائجه و كل ما حصله، لأنه بحث عن شيء روحي وسط الماديات
الإستحقاق نتيجة لتوازنك و نتيجة المضي بخطى ثابثة و السير بشكل منتظم نفسياً و مادياً و روحياً و جسدياً
فالذي يعتقد أنه من خلال شعوره بالإستحقاق سيحقق كل ما يريده هو في الحقيقة يستغل قيمة من القيم الروحية لبلوغ ماديات معينة
و هذا يغذي الأنانية بداخل الفرد، كما انه نوع من البحث عن الماديات بغلاف روحي
و هذا في الغالب يؤدي به إلى التدهور و الفوضى النفسية و إلى المزيد من المشاكل و الأزمات.
أما بالنسبة للمتنور فهو لا يبحث عن الماديات و لا يطمع في الوصول لمستوى إجتماعي معين على حساب ذبذباته و طاقته، و هو كذلك لا يبحث عن الوصول إلى الكمال النفسي و لا حتى الجسدي و الروحي
بل هو يدرك تماماً أن السعي للكمال هو مضيعة للوقت و مضيعة للحياة و هو سبب غالبية المشاكل
المتنور يعرف جيداً أن إدراك الجمال أهم من ذلك كله، فادراك الجمال أهم من السعي للاستنارة و هو أيضاً أهم من البحث عن الماديات على حساب طاقاته الروحية، فالجمال هو كل ما يستحقه
هناك أمثلة من أناس عاشت قفزات في مستوى حياتهم بشكل فجائي و سريع جداً، غيرت حياتهم بالكامل إلى مستوى آخر مختلف كلياً، إلا أن هذا للأسف لم يكن فال خير عليهم بقدر ما كان نقمة جعلتهم
يشعرون بعدم الإستحقاق مما أدى بهم إلى التدمير الذاتي، الذي هو مشكلة نفسية ترجع كل شيء إلى أسوأ مما كان عليه
بل إن معاناتهم النفسية تضاعفت أكثر، و ذلك ليس لأي سبب إلا لأنهم لم يستطيعو تحمل ذلك التغيير الفجائي في حياتهم و تلك القفزات المستمرة و السريعة في حياتهم و لم يستطيعو استشعار هذا الإستحقاق
مما جعل الأمور تسير بشكل عكسي،
و الأكثر أهمية و حساسية في الإستحقاق أنه ليس عملية قسرية نحدثها بالقوة، بل هو شيء يحدث بكل بساطة و توازن و بكل وضوح و سلاسة و هذا ما يجعل المرء يجد الصعوبة في الشعور به
فبداخل أغلبية الناس معتقدات لا تتوافق و الإستحقاق و هي معتقدات تعرقل التغييرات الإيجابية التي تطرأ على حياتنا، و كذلك طريقة التفكير التي تحتم علينا الشك في قدراتنا و الشك في مكتسباتنا
الحالية لأنها ما زالت مرتبطة بالماضي، مما يجعلنا نحفز لمشاعر سلبية إبتداءً بالخوف و الذي يحفز بدوره لمشاعر أخرى تملؤنا بالفوضى
فطريقة التفكير لها تأثير واضح و جلي على حياتنا و على نفسيتنا و على عاداتنا و غيره، لذلك وجب الإعتناء بطريقة تفكيرك و بالمنطق أو الفلسفة التي ترى من خلالها الحياة لأنها هي منفذك الحقيقي الذي ينعكس على كل شيء في حياتك
فالشك لا يولد إلا المزيد من الشكوك و الأفكار الاخرى التي تعرقل الجمال، و كذلك الشعور بالذنب و الشعور بالنقص ما هي إلا نتيجة أفكار غير بناءة
أما الثقة و الشعور بالتناغم و التوازن فهي نتيجة تفكير واقعي يرى الأشياء كما هي و يسميها بمسمياتها، و يتقبل واقعه كيفما كان و يعمل على تغييره بشكل يتوافق و فلسفته
و إذا كان الجمال حالة عقلية، لا مكان فيها للخوف و الشك و لا لتسرب الأفكار العشوائية الأخرى، فإن إستحقاق هذه الحالة العقلية تحتاج منك بذل مجهود عقلي لتستوعب أنه ليس هنالك خطأ في ما تعيشه
و أن ما تعيشه هو أفضل شيء تستحقه حالياً و ليس هنالك خطأ في هذا، و الشك في هذه القيمة يجعلك في حال من القلق و الخوف و التذمر، إن الجمال بمثابة شريط سينمائي تشاهده، لذلك لا حاجة لك في الإندفاع و الخوف و العجلة و الإرتباك، لأن ذلك الشريط السينمائي إذا تفاعلت معه من خلال مشاعرك و ارتباطك به فإنك تصبح جزءًا من احداثه و يدخلك في قصته و قد يتحكم في قراراتك و مستقبلك
الحياة بالنسبة للمتنور أشبه بشريط سينمائي ممتليء بالقصص و الاحداث و تفاعلك مع هذه الأحداث بمشاعرك و مخاوفك يؤدي بك للتدهور و إلى العيش في دراما،
و البحث عن قيم روحية من خلال هذه القصص و الأحداث يؤدي بك أيضاً إلى عيش الدراما
و الذي يجعل الناس لا تستحق الجمال كقيمة روحية هو هذا البحث عن القيم الروحية في أحداث الواقع و الماديات و العلاقات الإجتماعية و غيرها، بينما الجمال ليس شيئاً مادياً و ليس كذلك حدثاً ما و لا ظرفاً من الظروف
و ليس شيئاً مستقبلياً و لا من الماضي القريب أو البعيد، بل الجمال لاشيء من كل هذا، الجمال أن تستطيع أن تكون لا شيء، أن تستطيع التحرر من كل إرتباط و من كل رغبة و من كل فكرة و معتقد قديم
و أن تستطيع أن تكون لا شيء هو أهم شيء و هو كل شيء؛ لأنه في هذا اللاشيء تستطيع أن تحرر كل طاقاتك من كل الإرتباطات و الأفكار القديمة و المعتقدات الاخرى التي تبقيك في نفس ذبذباتك
و تميل إلى إيجاد شغفك و إلى ممارسة اختلافك و تميزك كنمط حياة دون إقحام الآخر و لا إقحام معتقدات و أفكار ما في شغفك هذا، بل تمارس شغفك بكل حرية و كلما كنت متحرراً من الأشياء و المعلومات الخاطئة و المعتقدات الاخرى التي تمتص طاقاتك الذاتية، كلما أصبحت أكثر حيوية و كلما كان جوهرك الحي متدفقاً أكثر
ذلك لأن العلاقات الإجتماعية التي تمتص طاقتك العقلية تجعلك أقل إتزانا و تملؤك بالفوضى و تجعل عقلك في حال من الشك و الخوف و القلق الذي يحجب عنك الرؤية الحقيقية و تبعدك كثيراً عن شغفك في الحياة
و كذلك المشتتات الخارجية الاخرى التي تمتص طاقاتك تجعلك بعيداً كل البعد عن شغفك، بل إنها تشعرك بالنقص و الحيرة و تجعلك تلوم نفسك بإستمرار حتى تفقد الثقة في نفسك
و إذا كنت مقبلاً على شيء قد يغير حياتك إلى الأفضل و يشعرك بالسكينة و التفوق و التقدير لنفسك، فإن شيئاً ما بداخلك يلومك أكثر و أكثر حتى تشعر بالنقص و تتركه نهائياً .
لذلك حافظ على طاقاتك الذاتية من العلاقات و الأشياء و المعتقدات القبلية التي تمتصها، و التي تملؤك بالحيرة و الشك و الفوضى و بالتدمير الذاتي
الجمال و الإستحقاق وجهان لعملة واحدة، فالشخص الممتليء و المدرك للجمال كقيمة معنوية هو شخص يشعر بالاستحقاق و يقدر نفسه كثيراً و يحترمها، ذلك لأنه منضبط على إحترام القيم الروحية و لا يبحث عنها في الماديات، و لا يمكنه أن يكلف نفسه أكثر مما يستطيع تحمله و استيعابه
كما أنه يدرك أن الجمال يحدث الآن، و كيفما كان هذا الجمال فإنه يشعر بالاستحقاق اتجاهه، و يدرك أن هذا هو أساس التغيير الحقيقي، و رفع استحقاقك رهين بتغيير عاداتك و قراراتك و نياتك، و لا يمكن أن ترفع استحقاقك داخلياً و تعيش نفس عاداتك، لأن هذا ليس له أي معنى، بل تغيير عاداتك و تغيير طريقة تفكيرك و إعادة النظر في طبيعة القرارات التي تتخذها و النيات التي تزرعها بداخلك لها إنعكاس مباشر على طبيعة الحياة التي تعيشها،
فإذا شعرت بأن واقعك الحالي لا يناسب مستوى وعيك أو أنك تستحق أفضل من ما تعيشه، يجب أن تغير عاداتك اليومية لتناسب مستوى وعيك و ربما تغير الظروف التي تعيشها حتى تناسب مستوى وعيك الجديد
فالبيئة التي جعلتك تعيساً و مريضاً لا يحدث فيها الشفاء، و كذلك لا يمكن إدراك الجمال من خلال نفسيتك القديمة التي جعلتك غير متوازن
لا بد من تغيير ما يمكن تغييره الآن، لأن الجمال يحدث الآن و ما تعيشه الآن هو ما تستحقه حالياً، و رفع استحقاقك يبدأ بتغيير ما يمكن تغييره، و ما يمكن تحمله دون مبالغة في ذلك و دون تقصير كذلك
أيها المتنور أنت الجمال
رائع ❤️
ردحذفرائع مقالة عميقة تستحق عدة قراءات مزيدا من التألق
ردحذف