سلاماً أيها المتنور
كم من شخص أصبح مهتماً بالتطوير الذاتي في يومنا هذا بالمقارنة مع السنوات السابقة و كم من مادة
استهلكت في ميدان التنمية الذاتية غيرت الوعي الجمعي السائد في المنطقة التي تتحدث العربية
لقد اهتم الناس بمواضيع عن تطوير الذات و تطوير جودة الحياة، و إعادة توجيه مسار حياتهم إلى الطريق الصحيح
و النتيجة هي إنعكاس ذلك على منطقتنا العربية؛ إنعكس ذلك بشكل واضح و علني و غير أشياء لم نكن نتوقعها من قبيل:
الإنفتاح على الثقافات الأخرى و تقبل الآخر، و نبذ الإنغلاق و التحريم الذي كان يطال كل شيء ثقافي في بعض البلدان العربية،و أصبحت سياسة بعض البلدان أكثر واقعية في هذا الإنفتاح
كما أن السلام في الشرق الأوسط أصبح وشيكاً و الحياة بدأت تأخذ مجرى أفضل من الأمس
تتطور حالة البلدان يوماً بعد يوم، كما أن الأفراد بدأت تتقبل هذا التغيير و التطور و تندمج معه شيئاً فشيئاً
كما أن الإختلاف بدأ يشق لنفسه مكاناً في عالمنا اليوم،حيث أن الأفراد تحررت من التقليد الأعمى و من عقلية القطيع و أصبح كل فرد يؤمن بما بات يسمى في يومنا هذا برحلة الحياة
و أن كل شخص له توجهات مختلفة و ميزات أخرى تجعل إدراكه مختلفاً
و أن ما يؤثر إيجابياً على شخص ما لا يعني أنه سيؤثر على الجميع بشكل جيد
تحرر العقل العربي نسبياً من الإندفاع و العجرفة و إقتحام خصوصيات الأفراد في ما يتعلق بتوجهاتهم و أفكارهم و بدأ يشهد طفرة نوعية لطالما انتظرتها الأجيال السابقة
و فجأةً تمرد على أفكارٍ كثيرة لطالما ارهقته و افقدته الشعور بذاته، كما بدأ يتسائل و يناقش الأفكار بعقله بعيداً عن العاطفة
و أصبح يتحمل مسؤولية ما يقع في حياته، و يدرك أن لديه الخيار في عيش ما يريد و الإنتباه لما يريد، و أن القوة بيده.
أكيد هناك صنف آخر من الناس اختارت البقاء في نفس عالمها السابق أو أسوأ منه، إلا أن الواعي سيختار دائماً أن يكون في عالم أكثر حرية و أكثر سلاماً و إزدهاراً
و ما تعتقد به هو الذي سيتجلى في واقعك و هو الذي يحدد طبيعة تجربتك، فكما تفكر تكون
و الفرد الذي يتعايش مع واقع لا يناسبه و مع تجارب سلبية و خبرات مؤلمة كما لو أنها جزء من هويته، هو شخص تماهى مع ذلك الواقع و نسي تماماً أن بإمكانه توجيه إنتباهه لما يريده
فما تنتبه له ينجذب إلى حياتك و يصبح جزءاً من حياتك، و إذا فهمت هذه اللعبة تتحرر بشكل فوري من كل ما يرهقك نفسياً و مادياً و إجتماعياً
لا تعتقد بشكل جازم بأن الواقع هو حقيقتك النهائية، و هو القدر المحتم عليك إلى النهاية
فالعقل البشري مصمم على محاكاة ما ندركه بحواسنا بشكل حرفي، و النتيجة أننا نصبح مثل الناس الذين يعيشون من حولنا
أو نصبح ما نغذي به أنفسنا من خلال وسائل الإعلام و وسائل التواصل الإجتماعي
وإذا استطعت تغذية عقلك بما تريد أن تكون عليه أو على الأقل الإنتباه و لو بصعوبة لنقطة النور الموجودة في حياتك
فإن الكثير من الأشياء تتغير و إن عقلك سيستجيب و لو مستقبلاً ليغير مسار حياتك بالكامل
فنية واحدة قد تغير أشياء كثيرة في واقعك، و إذا استطعت أن تستجمع كل قواك العقلية الضائعة في المشتتات الأخرى فلن تصبح حياتك كما كانت عليه في السابق
و إذا كانت نواياك و أفكارك التي تحتفظ بها في عقلك سيئة و تملؤك بالعواطف السلبية فلم تحتفظ بها ؟
أليس هذا نوعاً من التدمير الذاتي ؟
لم تريد تدمير ذاتك بنفسك ؟
دعك من كل ما يملؤك بالحواجز النفسية و العراقيل التي تحجب عنك الرؤية، و إتصل بما يخدمك و يملء حياتك بالنور مجدداً، فمقاومة التغيير الذي ينعكس في عالمنا اليوم
ليس إلا بسبب أفكار قديمة ما زلت تحتفظ بها، و انفتاحك على عالم جديد كلياً هو نتيجة حريتك من هذه الأفكار التي تحجب عنك الحرية
و الحرية من الفكرة ليست عملية قسرية بل هي نتيجة إستعادة توازنك و إستعادة طاقاتك العقلية من أشياء كانت تستغلك و تقتات منك، سواء كان معتقداً متماسكاً أو فلسفة أو عادة أو طريقة تفكير تناقلتها أجيال متعاقبة
و أن تتحرر منها ليس بالسهل بل هو مكلف كثيراً ! و عليك توجيه انتباهك لأفكار أخرى و أحداث و أشخاص جديدة تحل محلها
طبيعة الحياة التي تختبرها رهينة بطبيعة الصور و الأفكار و النوايا التي تخزنها في عقلك اللاواعي و التي بدورها تؤثر في مشاعرك و أحاسيسك
و بالتالي عليك أن لا تهتم لتلك الأفكار السوداية و التجارب السيئة و العلاقات السامة التي أنهكتك و اجعلها صغيرةً في عقلك حتى يطالها النسيان و تذبل، فعقلك مجرد شيء يستجيب بشكل آلي و لا يميز القبيح عن الجميل، فأنت فقط من يستطيع توجيه تفكيرك لما تريده
كما يقول ويليام شكسبير لا شيء يتصف بالحسن و السوء بل تفكيرنا من يجعله كذلك
و عليه فأنت من يقرر أين تكون و إلى أين أنت ذاهب، و كيف هي حياتك
و أنت من يقرر أين تضع تجاربك القاسية و أفكارك الماضية هل في المكان التي تذبل فيه للأبد أم تريد تكرارها مجدداً في حياتك
أيها المتنور دمت في سلام
إرسال تعليق