مرحباً أيها المتنور
لماذا تتحدث إلى نفسك ؟
الفرد الذي يتحدث إلى نفسه كثيراً، و يناقش مواضيع و مواقف كثيرة بداخله هو شخص يبحث عن حلولٍ ما أو يبحث عن معنى ما أو ربما يبحث عن شيء يفتقده بداخله
أو يناقش أشياء لم يستوعبها بعد أو أشخاصاً لم يستطع أن يفهم دوافعهم الحقيقية، أو ربما لم يستطع أن يستوعب سبب بعض تصرفاته و ردات فعله السابقة
و هذا يجعل الفرد يناقش أفكاراً كثيرة بداخل عقله، و بالتالي يتبنى مواقف و وجهات نظر مختلفة و يحكم على أشياء و أشخاص و أحداث معينة و على نفسه أيضاً بشكل سلبي أو إيجابي
و هذه الآراء و الأحكام المسبقة تحجب علاقتك بالواقع و بالأشخاص و الأحداث و كذا بما تعيشه !
إن ما يحدث في الواقع هو كل ما يجب أن يحدث، و ما تعيشه حالياً هو كل ما تستحق في هذه اللحظة، و علينا أن ندرك أن كل ما يحدث في واقعنا نستحقه
و هو نتيجة إختياراتنا الواعية و اللاواعية و نتيجة عاداتنا و نتيجة ما نؤمن به
لذلك في الحقيقة ما نعيشه لا يحتاج النقاش و لا يحتاج الكثير من التفكير المرهق و لا المزيد من الأحكام و لا المزيد من التبريرات المنطقية و لا يجب أن نرفضه أو نفر منه، و أقرب لفظ يمكننا إستخدامه للتعبير عن هذا كله هو : المشيئة الإلاهية
المشيئة الإلاهية نعني بها شيء حدث بالفعل أو تجلي نعيشه فعلياً .
و لذلك لا حاجة للتفكير المرهق في شيء حدث سابقاً و لا حاجة للتحدث مع نفسك و رفض أشياء تجلت على أرض الواقع سالفاً، لأن ما تعيشه هو الماضي نفسه، هو تجلي لما كنت تؤمن به سابقاً
و ما عليك سوى العيش في هذه التجليات دون أن ترهق نفسك!
أي أن تنظر لكل شيء على أنه مشيئة إلاهية أو تجلي لما كنت تؤمن به بشكل واعي أو غير واعي،سواء كان عبارة عن ضوضاء الجيران أو صوت السيارات أو ربما صوت البحر أو صوت الطيور و غيرها
كل شيء عبارة عن تجلي لذاتك
و أفكارك كذلك هي تجلي للماضي و أيضاً للمستقبل الذي تخطط له، لذلك أن تعيش و أنت تشاهد هذا التجلي هو عملية تملؤك بالحيوية، حيوية الحضور و تجعل دماغك يسترجع أنفاسه
و يصحح نفسه من خلال نفسه و يكون، دون مقاومة و دون رفض ، عظمة الحضور و الفراغ تجعلك تشاهد دون أن تخوض صراعاً مع المجهول الذي هو أنت
أن تشاهد التجلي يحدث أمام عينك، تجلي العالم الذي يعبر عنك و الذي يعكس ما كنت تؤمن به بشكل صارم جداً و صادق جداً و بكل تفاصيله، أن تستطيع مشاهدة الواقع كما هو، هو شجاعة كبيرة جداً
و هو أيضاً إنفتاح على ذاتك، فما تراه في الواقع هو تجلي و هو مشيئة، و كذلك جمال
المشاهدة لا تحتاج منك الحديث مع نفسك و لا إصدار الاحكام و الشكوى و التذمر، مشاهدة الجمال تكون في صمت و سكون، كيفما كان هذا الجمال سواء كان سلبياً أو إيجابياً بالنسبة لنفسك !
المشاهدة لا تتماهى مع الفكرة و لا مع رأيك و لا مع ذكرى ما و لا مع موقفٍ سابق، المشاهدة متحررة من كل فكرة و هي وليدة الحضور
أن تستطيع المشاهدة ليست كذلك شيئاً يحتاج مجهوداً عقلياً، بل على العكس أن تشاهد هو أشبه بعملية التنفس، فعملية التنفس لا تحتاج منك أن تجهد نفسك و لا أن تستنزف طاقاتك، بل هي شيء يحدث
و كل ما عليك هو أن تنتبه لا أقل و لا أكثر.
أن تنتبه لأنفاسك و أفكارك و للعالم من حولك دون ضغوطات و دون قلق و دون أن تكون مجبراً على ذلك .
كما لو أن أحلاماً جذابة تراودك في صباح باكر جميل و أنت تحاول الإستيقاظ .
أيها المتنور دمت في جمال
إرسال تعليق