مرحباً أيها المتنور
إن ما نعيشه الآن هو القدر الذي اخترناه (بطريقة واعية أو غير واعية) و القدر مشيئة حدثت بالفعل و نعيشها على أرض الواقع، و هذا القدر مرتبط بأسلوب حياة مختلف و بشخصية مختلفة
و كل ما نعيشه سواء كان سلبياً أو إيجابياً هو مرتبط بالقدر الذي اخترته سالفاً؛ إن ما كنت تؤمن به سالفاً هو الذي تجلى على هذه الهيئة الجميلة، و العقل المنطقي الصارم لا يستطيع إستيعاب هذا،
لذلك في الغالب هو يقاوم الأشياء السلبية التي يعيشها أو يرفضها تماماً، و هو منتبه فقط للجانب السلبي دون أن يحاول الإستمتاع بالأشياء الأخرى الجيدة في حياته و لا يستطيع أن يلفت إنتباهه إليها
لأنه يحاول تصحيح حياته و قدره و يرغب في حياة كاملة دون أية نواقص.
بينما القدر الذي نعيشه حالياً نتيجة لطريقة تفكيرنا و عاداتنا في الماضي و لا يعكس شخصيتنا الحالية و عاداتنا الحالية، إن القدر أشبه بمرآة كبيرة تعكس بطريقة بطيئة شخصياتنا و عاداتنا و خياراتنا
و علينا إذن العيش في قدرنا الحالي كما لو أنه نتيجة لتأملاتنا في الماضي،و لخياراتنا السابقة و عاداتنا و ردات فعلنا، و قراراتنا السابقة .
وواقعك هو مملكتك الحالية التي صنعتها بنفسك، و لا شيء يضيع من كل مجهوداتك السابقة.
لا شيء يضيع و لا شيء ينهدم و لا شيء يتلاشى ! مجهوداتك السابقة و نياتك السابقة لابد أن تظهر و لو على هيئة أخرى، أفعالك و عاداتك و كلامك لا بد أن تظهر نتائجها و لو بشكل مختلف .
إنك أنت الآن تحمل بداخلك كل الماضي و كل تجاربك و كل قراراتك و نياتك و أفكارك و أحلامك و أمنياتك و آمالك و رغباتك و أهدافك و طموحاتك و خيالك، و كذا جهلك و وعيك، ضعفك و قوتك
طفولتك و شبابك، مسراتك و أحزانك، مخاوفك و شجاعتك، أفراحك و أتراحك،ضجيجك و صمتك، حياتك و مماتك.
العقل المنطقي الصارم يرفض أحزانه و صمته و يرفض مخاوفه و ضعفه، و يقاومها و لا يعترف بها، كما أنه لا يريد الظهور إلا بثوب القوي و الشجاع و المستمتع و المبتهج، و هذا يجعله يرفض نفسه، و يرفض حياته و قدره
و حين يرفض المرء ضعفه و جهله و مخاوفه و أحزانه، و ماضيه و تجاربه و ذكرياته فإنه يرفض أن يكون إنساناً، و يقاوم نفسه بنفسه، و هذا يجعل الفرد يدمر نفسه بنفسه.
و على المتنور أن يدرك هذا و يتقبل ضعفه و جهله كما يتقبل أفراحه و مسراته على حد سواء، و يدرك أن أي مجهود عقلي له انعكاسات فيما بعد، على شخصيته و على طريقة تفكيره و بالتالي على حياته
فإذا كان المتنور يرفض جهله و ضعفه و مخاوفه فإنه سيقاومها و هذا له انعكاسات أخرى؛ المقاومة تنتج الكثير من الفوضى النفسية و الشعور بالذنب و كذا الشعور بالنقص الذي يجعل المتنور يرفض حياته و يقاومها، و بالتالي تكون حياته غير متزنة و غير صحية.
بينما إذا كان المتنور يتقبل مخاوفه و ضعفه و أحزانه كيفما كانت و برحابة صدر فإن لهذا أيضاً انعكاسات على شخصيته و طريقة تفكيره و على إدراكه للحياة من حوله، و يجعل المتنور يتناغم مع ذاته الكونية
و التي يحس خلالها بعناية الاهية تحيط به، حيث تفقد كل المخاوف الأخرى قدرتها على النفاذ إلى عقله، و يكون المتنور فيها متحرراً من الحواجز النفسية و من العراقيل الأخرى التي تحاول لفت إنتباهه إلى المخاطر التي قد يواجهها و إلى الأوهام التي تحاول تشتيت إنتباهه، و يكون تحت العناية الإلاهية التي تجعل عقله في حالة روحية أو في فضاء داخلي لا يتماهى مع أي شعور بالتهديد و بالخوف، و تتحول فيها كل تلك الأشياء التي كان يعتبرها خطراً يهدده و يؤثر على نفسيته بشكل سلبي، إلى شيء دون معنى و دون أية خطورة، كما لو أن كل شيء يهدده إنتهى فجأةً، و كما لو أنه إنفتح على عالم جديد كلياً،
عالم لا تهديدات و لا مخاطر فيه، و عالم منفتح على كل الإحتمالات؛
حيث يمكنك إختيار القدر الذي تريد عيشه و إختيار الحياة التي تناسبك بكل إطمئنان، و إختيار الأفكار التي تناسب حياتك و إختيار كل ما تريد عيشه بكل حرية. كما لو أنك مقبل على حياة تبرمج فيها كل شيء مجدداً كيفما تريد.
أيها المتنور دمت في حرية
إرسال تعليق