السلام الداخلي أساس ذاتنا الكونية
سلاماً و حرية
أيها القاريء الكريم إن ذاتنا الكونية الطبيعية تستلزم وجود أساس السلام كحالة عقلية، و بدون هذا السلام لن يحدث الإتصال بذاتك الكونية
فلا بد من وجود عقل مسالم أي عقل لا يندفع و لا يرغب و لا يصنع مشكلة .
فالعقل الذي يندفع هو عقل غارق في الجهل؛ يندفع للحياة الباذخة و يندفع للمرح أو ربما يندفع للعمل و يندفع لتنمية ذاته و تطويرها،
و بينما هو يندفع يعرقل السريان و يعرقل التوازن الذي يحكم الطبيعة و بالتالي يكبح ذاته و يقمعها .
أما العقل الذي يرغب و الذي يصنع مشكلة فهو نجح في تجاوز الإندفاع، إلا أنه لم ينجح بعد في تجاوز الزمن النفسي
فالزمن النفسي ما هو إلا زمن وهمي في مخيالنا، يحاول من خلاله العقل الإنساني تصحيح الماضي أو تصحيح أخطاء الماضي
أو يحاول من خلاله في أحسن الأحوال حل المشاكل الحالية .
فالعقل يدرك فقط أخطاء الماضي و يحاول تصحيحها و يحاول إعادة الإعتبار لذاته و لقيمته الفردية
و ينظر لواقعه الحالي على أنها مشكلة يجب أن تحل .
و هذا يجعل الفرد محصوراً بين كم هائل من ذكريات الماضي التي تظهر فجأةً إلى العقل و بين مشاكل و مسائل عالقة تخص حياتنا الحالية
و بالتالي فالعقل يتلقى ضربة من هنا و هناك و يمتلء بالأفكار و تغيب أي مساحة للراحة و الهدوء .
و يتصل العقل بحقل آخر هائل من أصوات الناس و أفكارهم و يمتلأ إلى نهايته بالهراء و بذكريات الإنسانية أجمع المتمثلة في العقل الجمعي
و كل هذا ليس إلا لسبب واحد هو جهلنا بأن العقل يفقد صوابه و يندفع و يميل لخلق المشاكل و يرغب بشكل تلقائي، إذا لم نستطع أن ندرك قيمة الجمال .
الجمال الذي هو تعبير عن حالة التوزان أو عن الحالة التي نتحرر فيها من الإعتقاد بالزمن النفسي ..
فليس هنالك أي زمن نفسي، الماضي ما هو إلا تعبير عن حالة وعي سابقة و الحاضر أيضا تعبير عن حالة وعينا الحالية و المستقبل لا وجود له.
و حالة وعينا السابقة خصوصاً إذا كانت ضعيفة أو عشت خلالها أحداث أحسست فيها بالدونية أو بالإحتقار و الإستهزاء و عدم الإحترام،
فهذا شيء يحتاج أن تتسامح معه، لأنه مهما كانت القصة التي عشتها فهي أبداً ليست أنت و لا تعبر عن ذاتك الحقيقية
و مهما كان ما ستعيشه مستقبلاً من جمال فهو أيضا ليس ذاتك الحقيقية؛ لأن ما نعيشه ليس ذاتنا بل هو فقط قصة أو لعبة أو حياة أو مراحل وعي
و الحياة التي نختبرها ليست نحن؛ فالإنسان كيفما كان ما عاشه و ما يعيشه و ما سيعيشه فسيظل مقدساً
ما يعتبره العقل خطأً و ما يعتقد على أنه مشكلة ليس في الحقيقة كذلك، العقل هو المخطيء حين لا يستطيع التمييز بين الواقع و ذاتنا
فذاتنا مقدسة و لا خطأ فيها، و الواقع يعبر عن حالة وعينا .. و إذا كان الواقع منقوصاً أو يعكس شيئاً غير محبذٍ، فإن الفكر هو السبب و هو مصدر تلك النواقص.
ووجود النواقص لا يعني بالمرة اننا منقوصين بل على العكس تماماً فهو تعبير عن حالة الجمال التي يمارسها الكون من خلالنا .
عزيزي القاريء كل الحرية و الجمال .
إرسال تعليق