عملية الإتحاد متقدمة جداً
سلاماً و حرية
مرحباً أيها المتنور
إن الإتحاد عملية متقدمة جداً يقوم بها العقل البشري،فهي تزاوج من جهة أو إتحاد بين وعيين و جسدين إثنين
و في هذا الإتحاد يكون تزاوج بين وعيين و جسدين و روحين، و ليس أبداً بين نفسين (طريقة التفكير)
فالإتحاد لا يكون في الجانب النفسي و إلا سيصبح مجرد كذبة و توهم عقلي،بل الإتحاد عملية مرهقة للنفس
و النفس الانسانية في الأساس تندفع من أجل غاية واحدة هي الإتحاد؛ الإتحاد بالذات الكونية
أو الإتصال بكل شيء أو شخص أو حدث أو بيئة تلامس الكونية و تلامس المحبة و الحرية و السلام و الجمال أو على أقل تقدير تقود إليه
لذلك مهما كان ما نعيشه في الواقع، فهو في نهاية المطاف و بالنسبة للإنسان الواعي يقود إلى الإتحاد بالذات الكونية
و الإنسان المتنور الذي يحاول أن يتحد بذاته الكونية و رغم أنه يعيش في واقع يملؤه الجهل و غير متحضر
تنعكس ذاته الكونية في أحداث معينة أو في أشخاص معينين و بيئات معينة أو من خلال أشياء غير متوقعة
و هو في نفس الوقت يفقد وجوده بشكل كامل في تلك الأحداث أو مع أولئك الأشخاص و في تلك البيئات
و يحس بنوع من الحيرة و الخوف و يمر بفترات من غياب الوعي خصوصاً إذا كان يعيش في بيئة غير متحضرة
و المتنور الذي يحاول الإتحاد وهو يوجد في بيئة ما أو في مجتمع ما
يفقد وجوده فعلياً في الآخرين و في الأحداث التي تعاش في تلك البيئة التي يتواجد فيها
فالمتنور و حين يسعى للإتحاد بذاته الكونية عليه أن يدرك و يميز البيئة التي يعيش فيها
هل هي بيئة متحضرة أم بيئة رجعية ؟
فإن كانت بيئة متحضرة فليس هناك أي مشكل بقدر المشاكل الموجودة في البيئة الرجعية التي من الممكن أن تعرقل نفسيتك
و التي تعمل على فصلك عن هويتك الكونية بأي طريقة ممكنة و الحلول دون اتحادك بمن تكون
و النفس البشرية تتعاطف بشكل لا يصدق، فهي تعتقد أننا واحد... بينما -نحن كائن واحد- حقيقة و ليست معتقد
و هناك فرق هائل و مساحة كبيرة جداً جداً بين الإعتقاد و الحقيقة .
الحقيقة ليست معتقد، و الذي يعتقد يبحث عن ذاته و يرتبط و يندفع و الأكثر من ذلك يتعاطف
و هو في هذه العاطفة يمتليء بالآخر أو بالأشياء الخارجية و يمتليء بروح الآخر أو بروح الأشياء الخارجية الذي يسد نسبياً حاجته الطبيعية للإتحاد بذاته الكونية
و الإتحاد بمن يكون .. و يضل العقل البشري حبيس هذا التعاطف و لا يكاد يستطيع الخروج منه أو التحرر منه و هو عاجز عن ذلك تماماً
و الحاجة التي تجعله حبيس التعاطف هي الطاقة التي يصرفها في الإعتقاد بينما يمكنه أن يوقف هذا العبث و الفوضوية من خلال تحريره لعملية الإعتقاد
فالوعي بالإعتقاد يجعله ينفصل عن الآلية أو البرمجة القديمة التي كان يعتمدها العقل و بالتالي يحرره من التعاطف الذي هو ليس إلا نتيجة
جهلنا بأننا منفصلون عن كل شيء خارجي و جهلنا بالقوة الموجودة في المعتقد .
فالمعتقد له طاقة ووجود قوي تستطيع جعل المتنور ينقلب على نفسه و يمشي عكس تيار التنوير، لذلك صناعة الإعتقاد ضرورة تنويرية
من أجل إعادة الإتحاد بمن نكون و من أجل تجسيد ذاتنا الكونية الطبيعية بداخلنا و من أجل واقع يدعم التنوير و لا يعرقله
إلا أن الإعتقاد ليس سهلاً و لا يمكن لأي شخص كيفما كان أن ينتج معتقد، عملية الإعتقاد شيء مقدس وجب تقديسه
إن عملية الإعتقاد صلاة، و ليس صحياً إنتاج معتقد جمعي من طرف أي شخص، فقط الشخص المتحرر و الذي يعي تماماً معنى الإعتقاد و عمق الإعتقاد و تأثير
المعتقد على نفسية الناس و على روحانيتهم و على طبيعة الواقع الذي يعيشونه و تأثيره على الأجيال الأخرى و المتشبع بالسلام الداخلي
و الممتلء بالحب و الحرية من يمكنه ذلك .
فالإنسان يعيش في نهاية المطاف داخل معتقدات، و الكثير لا يدرك ذلك، إلا أن المعتقد يتوغل داخلنا و نحن نتشارك في مجموعة من المعتقدات بشكل لاواعي
نتشارك في وعي جمعي له حياة ووجود و طاقة مهمة، و هو أشبه بكائن حي يسكن الجميع و يتفاعل من خلالنا بطريقة غريبة و يدافع عن نفسه من خلالنا
فإما أن يعيش الجهل من خلالنا أو يتوسع من خلالنا أو نعيش في الوعي و التنوير، إما أن نعيش داخل العنف و الحروب و مع الرجعين و في دراما و قصص الخيال
و مع أناس متخلفين و متعصبين و مع الإرهاب أو نعيش في السلام و الحب و الحرية
و اختيارنا للحرية و السلام هو إختيار للتنوير و اختيارنا للتنوير هو إختيار للتحرر من معتقدات الوعي الجمعي التي تؤدي للتخلف و الرجعية و سلوك طريق الحرية هو سلوك
لطريق الإنسانية، اننا جميعاً واحد وأننا متساوون جميعاً في قيمة الإنسانية و أن الجميع يختبر الحياة من منظوره و أن الخطء شيء صحي، و هذا ليس إعتقاد بل حقيقة
و هذا ليس كلام نفسي، أو كلمات لسد احتياجنا الطبيعي للتطور و التنوير ، بل هو حقيقة و لذلك علينا جميعاً كمتنورين المساهمة في بناء وعي جمعي جديد قائم على التنوير.
عزيزي المتنور دمت في حرية
Post a Comment