العقل الباطن و التنوير
سلاماً و محبة
العقل يعمل على إدراك الواقع من خلال الحواس فيبني قاعدة بيانات كثيرة، و من خلال هذه البيانات يستطيع أن يدرك الواقع و يميزه
فالمولود الجديد مثلاً لا يرى الواقع كما نراه، فهو يراه بشكل مشوه و غير مكتمل، لأنه بالكاد يكون صور و أصوات بداخل عقله
و لا يستطيع تمييزها مثلنا نحن البالغين .
عزيزي القاريء
العقل هو الذي يؤثر في نوعية المشاعر و الأفكار التي تطبع علينا، فنوعية الأفكار التي نفكر فيها و نوعية المشاعر التي نختبرها هي نتيجة لنوعية
إستجاباتنا العقلية، فلو كان احدهم دائم الحزن و الإكتئاب فلأن عقله يستجيب بهذه الطريقة بشكل آلي نتيجة برمجته السابقة
و العكس أيضا صحيح فلو كان احدهم دائم البهجة و السعادة فلأن عقله يستجيب بهذه لطريقة نتيجة لبرمجته السابقة الصحيحة
و إذا كان احدهم يفكر بطريقة سليمة بناءة، فلأن عقله تمت برمجته بشل صحي سليم، و هكذا دواليك
و الشخص الذي يدرك أن عقله مبرمج بشكل غير سليم و غير صحي، فيمكنه دائماً برمجة عقله برمجة صحيحة سليمة أينما كان و كيفما كان و مهما كانت ظروفه .
عزيزي القاريء
هذا الكلام تحدثنا عنه سابقاً و في أغلب منشوراتنا و منتشر بشكل كبير على الإنترنيت، و لدى كوتشات التنمية الذاتية و غيرهم
إلا أن الذي يهمنا هنا هو أن ندرك شيء آخر أكثر أهمية؛ أن ندرك أن العقل الباطن يتفاعل بشكل لاواعي مع البيئة التي نعيش فيها
و يتفاعل مع الوعي الجمعي
فإذا كنت في بيئة شعبية في مجتمع عربي ما مثلاً، كتلك البيئة التي تعيش نوع من الصعوبة في الإندماج مع عالم اليوم، فأكيد عقلك الباطن يتفاعل في كل مرة
بشكل يشبه ساكنة ذلك المجتمع و وفق الوعي السائد هناك .
و إذا لم تعي هذه المسألة المهمة فأكيد ستجد نفسك في مقاومة كبيرة لذاتك الحقيقية الطبيعية، و كلما اختبرت حالة وعي جديدة
ستجد نفسك في مقاومة لمن تكون،
ذلك أن حالة وعيك الجديدة قد ولدت للتو، و بالتالي فهي حساسة جداً و بالإمكان أن يؤثر فيها الآخرون بشكل سلبي،
لأن العقل هو حقل هائل من المعلومات التي تنتقل إلى عقولنا بشكل لاواعي
فالعقول تتفاعل مع بعضها البعض وفق ما يسمى بالعقل الجمعي، إن هناك مساحة هائلة من المعلومات تتسرب إلى أدمغتنا من ذلك العقل الجمعي
دون أي مجهود منا و بشكل غريب و طبيعي .
لذلك أنت تبذل مجهود كبير جداً حين تريد تغيير نفسك، لأنه في تغييرك لنفسك أنت تحدث تغيير في تلك المساحة التي تربط عقول الجميع
فأي تغيير فردي هو في نفس الوقت تغيير للوعي الجمعي
و المتنور الذي يسعى لإدراك المحبة و يسعى للحرية يجد نفسه يبذل مجهود عظيم جداً من خلال ممارسته للتأمل و محاولة إستيعابه لقيم ذاته الكونية
لأنه في تنويرك لذاتك أنت تحرر الآخرين بشكل لا واعي .
عزيزي المتنور دمت في حرية و سلام
Post a Comment