الشخصية و العقل الجمعي

مواضيع مفضلة

Friday, April 26, 2019

الشخصية و العقل الجمعي

سلام و حرية 

مرحباً أيها المتنور 

 الذي يدرك إشتراك الإنسانية في عقل جماعي يستطيع أن يدرك أصوات الإنسانية في عقله للحظات
و يستطيع إدراك تأثير تلك الأصوات على سير الأحداث في واقعه،
فنحن جميعاً  نشترك  في عقل جمعي يتصل بعقولنا الفردية ، و افكارنا تنتقل فيه بسرعة كبيرة جداً 

بشكل أوضح يمكن أن نقول أننا جميعاً نعرف معلومات بعضنا البعض و نعرف تاريخ بعضنا البعض  و نعرف كل شيء عن بعضنا البعض 
لأن بداخلنا حقل لا مرئي يربط عقولنا جميعا و هو حقل العقل  الجمعي، الذي تنتقل فيه أفكار الناس  و أحاسيسهم 

و هذا يعني أن بداخل كل شخص فينا تسكن الإنسانية أجمع،و بداخل كل شخص فينا مشاكل و نجاحات الإنسانية أجمع 
فالإنسانية متجسدة فيك و  أنت متجسد في الإنسانية، 

و لذلك فالأحداث التي تعيشها قد تعكس أفكار الناس و احاسيسهم في كثير من الأحيان؛ مثلاً : قد تعيش في مجتمع لا يحترم الإختلاف و يكبح الحرية 
و أنت تريد ممارسة حريتك الفردية  و من حولك يرفضون بشكل قطعي هذه الحرية 
و قد يتهجمون عليك متى سنحت لهم الفرصة، ففي المجتمعات العربية ينزعجون بشكل متوحش من اختلافك .
فهناك من يقتحم خصوصيتك بشكل مزعج، و هناك من يتحكم في قراراتك الشخصية و هناك من يسعى لارشادك للصواب (على حد تعبيرهم)
و هناك من ينصحك بشكل مستمر ( الدين النصيحة)، و هناك من يذكرك بواجبك الإجتماعي و التقاليد المتوارثة  و يتدخل في علاقتك بعائلتك 
و هناك من يسعى لتزويجك و  آخرون يحددون لك مسار حياتك سالفاً ... 
يتدخلون في أبسط تفاصيل حياتك بل حتى في  طريقة كلامك و لباسك و لونك و شعرك ... إلخ 
كل شيء فيك هو ليس لك، هكذا ينظر لك أولائك الذي يعتقدون بالواجب الإجتماعي و بالمؤسسات التي تنظم الحياة ( الأسرة، المدرسة، الكنيسة و المسجد، العائلة ...إلخ )
كل شيء فيك هو للمجتمع و للأسرة و المدرسة و العمل ... إلخ 

بينما الحرية بمفهومها التنويري تنظر للمؤسسات على أنها قاتلة لروح الإنسان المعنوية، الإنسان لا يحتاج مؤسسة ليعيش، بل  المؤسسة تعقد الحياة و تعكرها كثيراً 
ما حاجة الإنسان لمؤسسة إذا كانت روحه متحررة في الآعالي، و ما غاية المؤسسة إذا كان الإنسان لا يعرف و لا يقدر التسامح و المساواة و لا يحترم الإنسانية و الحرية 
فبدون نفسية متسامحة يصعب العيش في الحرية، فالتسامح أن ندرك  وجود الجانب المضيء و المظلم فينا، و نتقبل ظلامنا الذي هو نتيجة جهلنا بذاتنا دون أي حس للمقاومة
حينها ندرك فعلياً أن ظلامنا حين نراقبه و ندركه  يتحول لنور يشع بداخلنا، بينما الإستمرار في مقاومة ظلامنا يجعلنا نتيه و نضيع فيه و نعيش ألماً نفسياً يتحول لنشاز في الواقع 
بينما حين يتحول لنور نمتليء بإكتفاء داخلي ينهي المعاناة النفسية و التفاصيل المرهقة و يجعلنا نتقبل كل شيء حولنا و يتدفق الجمال إلى واقعنا بشكل غريب.

الإكتفاء و التسامح الداخلي و اللامقاومة تفكك كل أشكال الألم و البلوكات الطاقية بشكل سلس و تدريجي، كلما تسامحت مع الظروف من حولك و كمية المشاكل و التفاصيل المرهقة 
كلما أحسست بالحيوية مجدداً و بالحياة في داخلك، فالتسامح ليست مجرد كلمة تردد بشكل فضفاض بل هي وصف لحالة عقلية يتم فيها تصالح بينك أنت كشخص و بين العقل الجمعي 
تصالح ودي بين أفكارك و نواياك الشخصية و بين أفكار العقل الجمعي السائدة، 
فالعقل الجمعي يعمل على توجيه أفكارك و نواياك بشكل ذكي لصالحه، من خلال توارد أفكار و أصوات بداخل عقولنا توجهنا لفعل شيء ما أو لقول شيء ما أو للذهاب لمكان ما ... 
و هنا في هذه المنطقة بالذات يحدث نوع من الصراع الخفي بين العقل الجمعي و شخصيتنا الفردية؛ صراع حول قوتك و طاقتك و انتباهك 

فالعقل الجمعي يحاول ما أمكن توجيه انتباهك و يحاول لفت انتباهك بشتى الطرق الممكنة و هذا ينتج إزعاجاً بداخلنا، إزعاجاً متواصلاً قد ينتهي بالإنصياع للعقل الجمعي و مؤثراته 
و حينها  يفلح في إستمالة إنتباهنا إلى ما يريد، بينما حين نعي هذا الإنزعاج المتواصل في داخلنا من طرفه نعمد بشكل واعي إلى إقامة صلح داخلي بينه و بين الشخصية  و حالة نفسية مستقرة 
الذي يعني أن نحافظ على حالة السلام الداخلي، و نحافظ على حقنا في السلام الداخلي الذي هو أساس كل شيء في التنوير، و لا يمكن بناء أي شيء بدون سلام داخلي 
و إذا لم يحل السلام الداخلي يكون هناك نشاز و دراما مستمرة في حياتنا.

السلام بين الشخصية و العقل الجمعي يعني تصالح كبير بينهما و إستقرار نفسي داخلي جميل بينهما، تنتنهي فيه شيئاً فشيئاً تلك الأفكار التي تحرض  على العنف و الإزعاج و الغضب و الخوف 
و غيرها من المشاعر السلبية الأخرى، و تنتهي فيه تلك العجلة و الإرتباك إلى حالة من الإرتياح و الإكتفاء و الاستغناء و الراحة و السكون و الصمت المؤديان لحالة السلام الداخلي المقدس 
سلام بين الشخصية و العقل الجمعي .

أيها المتنور الحرية و السلام لك 

3 comments:

  1. امنى ان لا تكون انت أيضا ممن يشجعون الزنا والعلاقات الجنسيه باسم الحريه والحب والوحده الكليه وبما انك ترفض المؤسسات هل ترفض مؤسسة الزواج ايضا مثل أوشو وتشجع مؤسسة البهيميه بإسم الحب المطلق وعدم التحكم😊

    ReplyDelete
  2. كلام جميل تحيا الحرية ...

    ReplyDelete

المشاركة على واتساب متوفرة فقط في الهواتف