مقدمة
غاية الإنسان التطور ماديا و معنويا
إلا أننا نجد صعوبة في التطور المعنوي لأنه لا نستطيع التخلي عن
الظروف و الأشخاص والأحداث و الأشياء التي تجعلنا نبدو بمزاج جيد (وهذا ما جعل
حضارتنا الإنسانية الحالية تبدو بشكلها الحالي)
الإنسان لا يستطيع التحرر من ارتباطاته، ولديه مخاوف كثيرة ويرفض
كل شيء و يقاوم حياته و يتذمر طوال الوقت و يصدر الأحكام باستمرار كما أنه في حالة
من العجلة والارتباك ويعيش تحت ضغوط هائلة ويدمر نفسه بنفسه
فكيف يمكن التحرر من هذا التدمير و الفوضى؟
و هل هنالك شيء مفقود لا نعرفه عن أنفسنا؟
الأسطورة
تقول إن وراء ما نراه بحواسنا حقول متشابكة من الفكر والطاقة
وما
نسميه حقل طاقة هو تدفق لمادة مختلفة داخل أجسادنا وخارج أجسادنا بشكل مرهف نكاد
نستطيع الإحساس بها.
فالإحساس
بهذه الطاقة يشترط درجة عالية من الحساسية، وهذه الحساسية نطورها فينا من خلال الانتباه
المستمر لمنطقة معينة في أجسادنا.
وهي
منطقة القلب، والانتباه لهذه المنطقة من الجسم يكون بشكل مستمر فهو ليس انتباه
بالعين المجردة وانما هو انتباه بوعي
انتباه
يستلزم حضور وسكون الجسد وصمت الفكر
ذلك
لكي نستطيع الإحساس بهذا الحقل الطاقي؛ فسكون الجسد يهيئ العقل لمرحلة من الاسترخاء
والهدوء استعدادا لتلاشي الأفكار العشوائية شيئاً فشيئاً لاستقبال أولى نسمات هذا
الحقل الطاقي.
وما
أن نستقبل هذه النسمات الأولى إلا وتتغير حالاتنا النفسية بشكل سريع جداً ونكون
أكثر حيوية من ذي قبل
فهذه
الطاقة جزء منا، فكما أن الفكر والمعلومات والمعرفة جزء من تاريخ الإنسانية، فهذا
الحقل الطاقي أيضا جزء من تاريخ الإنسانية المشترك
والإنسان
الطبيعي هو إنسان يفكر وقبل أن يفكر يحس أو يستطيع الإحساس بهذه النسمات
والإحساس
بهذه النسمات هو إحساس بالجانب الكوني للإنسانية وهو بداية الاتصال بذاتنا الكونية
الذي يجعلنا نحس بالدفء والمحبة والرحمة تحيط بنا من كل جانب
وهي
حالة نحس بها قبل أن نفهمها
فهي
نوع من الإحساس المرهف الذي يجعل المرء يحس بالواقع حياً ومتحركاً
كما
لو أن الواقع يصبح كائناً حياً له أحاسيس وله جانب حي يتصل بعقولنا.
فهناك
اتصال مستمر بذلك الجانب الحي للواقع وفي نفس الوقت دفء ومحبة كبيرة وامتلاء
بالرحمة والسكون والاكتفاء التام.
فلم يا ترى! يميل الإنسان إلى المعاناة والعنف والكراهية على
حساب هذا الحب و الدفء و الرحمة و السلام؟
إن
الشيء الذي حجب عنا هذه الحالة العقلية المرهفة هو انفصالنا عن ذاتنا الكونية
الحقيقية،
هذا
الانفصال سببه المباشر هو طبيعة النفس البشرية أو فكرنا الإنساني الذي يعتمد على
الحواس
و
حين نعتمد على الحواس فإنه لا يمكننا إدراك حالة الإتحاد بالذات الكونية و بالتالي
لا يمكننا إدراك قوتنا الحقيقية
ذلك
لأن حواسنا لا تستطيع إدراك إلا ما هو ملموس وهنا نفتقد ذاتنا الكونية وننساها.
واحزر
ماذا يحدث حين ننفصل عن ذاتنا الكونية!!
يصبح
العقل في حالة من الاندفاع والعجلة والارتباك بحثاً عنها.. يندفع لكل ما هو ملموس
بحثاً عن إشارة من ذاته الكونية
و
هذا الاندفاع نفسه هو الذي جعل الإنسانية تخطو خطوة نحو الجهل والظلام و تنفصل
بشكل غريب عن الطبيعة الأولى
وهنا
صنع العقل الإنساني هوة كبيرة جداً بين الإنسان وذاته الطبيعية الكونية وهنا انفصل
الإنسان عن قوته الطبيعية و طاقاته الذاتية.
والأكثر
من ذلك ربط طاقاتنا الطبيعية وقيمنا الكونية الداخلية بأشياء خارجية عنا ليبتدع ما
يسمى ب:
الأماكن
المقدسة و الثقافات المقدسة و أيام مقدسة و التماثيل المقدسة.
و
هذا جعل الإنسان يعيش معاناة نفسية كبيرة جداً لأنه انفصل عن ذاته و غرق في الوهم
الذي صنعه عقله
وسلبت
ذات الإنسان الكونية وسلب معها الدفء والسلام والمحبة والحرية والجمال والرحمة
وغرق
الإنسان في تعقيداته العقلية ليصنع آلهة يتعبدها وأماكن يقدسها وثقافات يتقاتل من أجلها
لقد
انفصل الإنسان عن قواه الطبيعية وقيمه الكونية الطبيعية وربطها بأشياء خارجية
ليعيش الضعف والمرض
والمعاناة
والجهل والحرب.
لقد
صنع عقل الإنسان كل هذا الوهم ومازال يبحث عن شيء أو عن حكمة سرية أو معجزة أو
معلم
و
لا يزال الكثير ينتظر شخصاً ما ينقذهم أو حدثاً ما يخرجهم مما هم عليه
و
هذا في الواقع نوع من الجنون.
وإذا
كنا لا نزال ننتظر فنحن أيضا مجانين
وإذا
كنت تنتظر المعجزة فستظل في انتظار وإذا كنت تبحث فلن تجد شيئاً
و
الحقيقة أن تنهي هذا الوهم و تدخل إلى الحياة الحقيقية.
فالقوة
بداخلنا جميعاً وما علينا إلا أن نقرر الاتصال بها، أنت لا تحتاج لا لخطة عمل و لا
لإرشادات سرية أو ترديد كلمات معينة
أن
تلغي هذا البحث الخارجي والانتظار الجنوني هو كل ما تحتاجه.
ما
أن تلغي البحث في الخارج عن أشخاص وعن معتقدات وعن معلمين و عن حكمة سرية ما إلا و تتحرك القوة بداخلك كاستجابة
أولية سريعة و تحس بنوع من الدفء كمكافأة
هذا
الدفء الذي تحسه الآن هو مرشدك الروحي و هي الحكمة التي كنت تبحث عنها في الخارج و
هي المحبة التي بحث عنها الجميع طوال هذه العقود
وهي
نتيجة ذاتك الكونية.
فالجميع
منهمك في البحث الخارجي ويستمد قوته وقيمته من الأشياء الخارجية ومن كلام الآخرين وآرائهم
بينما
القليل فقط من ينتبه للقوة التي بداخله و
القليل فقط من يستمد هذا الدفء من ذاته الكونية مباشرةً.
الذات
الكونية تسمية لحقل لا مرئي شفاف من المحبة يحيط بنا ويحيط بكل شيء في الوجود
و
إذا استطعنا الإتحاد بهذه الذات الكونية التي تحيط بنا اتحدنا بالحالة الاولى للوجود.
وكلما
اتصلنا واتحدنا بها، إلا ونعيش سلاماً كبيراً ونحس بمحبة طبيعية و حرية داخلية
ممتدة و تناغم عظيم مع الطبيعة
بينما
كلما ابتعدنا عن ذاتنا الكونية، إلا و نعاني و نعيش صراعات و تعقيدات نفسية كثيرة
فذاتنا
الكونية تتخلل كل شيء جميل في الوجود وترقص على إيقاع كوني ممتلئ بالحرية والدفء
و
اتصالك بذاتك الكونية يجعلك ترقص على نفس هذا الإيقاع، إنه المعجزة و السحر و
الخلاص الذي تحدثت عنه الأساطير و الفلاسفة القدماء و الأنبياء على مر العصور
فقط
الذين انفصلوا عن ذاتهم الكونية من يعانون في الحياة
وخلاص
الإنسانية من معاناتها يكون في إعادة الإتحاد بذاتهم الطبيعية الكونية التي يتصل
بها كل شيء جميل في الوجود
فالذات
الكونية هي ذات لا مرئية تربط كل شيء جميل ببعضه البعض
تربط
العقول المسالمة بالعقول المحبة والعقول المحبة بالمتحررة والمتحررة بالعقول المبدعة
ويمتد
هذا الربط للخارج ليشمل كل عناصر الطبيعة من نباتات وأشجار وأرض وسماء وطيور و حيوان..
ولهذا
الربط موسيقى أو صوت لا نستطيع سماعه إلا حين نكون في الصمت والفراغ.
ذاتك
اللامرئية هذه تؤثر في كل عناصر الطبيعة ومتصلة بكل ذرة في الطبيعة.
فالإنسان
المتصل بشكل جيد مع حقل الذات الكونية يكون الحظ دائماً إلى جانبه، وتنجذب له
الفرص من تلقاء نفسها وتنجذب له الأشياء الجميلة والأحداث المبهجة
والأشخاص
الإيجابيين ويكون في بيئات صحية سليمة.
ذلك
أن كل من يتحد بذاته اللامرئية يتصل بالقوة التي تحرك كل جمال العالم والتي هي
مصدر كل خير موجود في العالم
ويدرك
المعرفة المخفية.
فالمتصل
بذاته الكونية يمتلك قوة كبيرة جداً تجعل كل شيء يتحرك من أجله، وتجعل الحياة تعيد
ترتيب كل شيء لمصلحته و تجعل الحظ يكون في صفه.
فكيف
السبيل إلى إعادة الاتصال بالذات الطبيعية مصدر المحبة والسلام والحرية؟
يمكنك الإطلاع على المزيد من خلال طلب كتاب: شيء نفتقده بداخلنا
يمكنك طلب هذا الكتاب عبر واتساب (داخل المملكة المغربية ):+212687177815
Post a Comment