مرحباً أيها المتنور
يصاب الكثير من الناس بخيبات أمل و بصدمات نفسية قد تكون قوية نتيجة إيجابيتهم الزائدة عن اللزوم في الإعتقاد بأن العالم كله خير مطلق
وأن كل تجربة يخوضونها كيفما كانت هي خير بالنسبة لهم.
بل على العكس قد تعيش تجربة مرهقة تسبب لك في صدمة نفسية قوية وتجعلك أضعف وأتعس مما كنت عليه في السابق
وقد تدخلك في دوامة من المشاكل النفسية الأخرى والمزيد من المتاعب على جميع المستويات و لست أدعوك هنا للإنغلاق على ذاتك
والى التشاؤم انما نتحدث بشكل واقعي؛ الواقع يحمل فوق ظهره الكثير من المجرمين والكثير من المتوحشين وعديمي الرحمة
كما أنه يحمل أناساً طيبين ومتراحمين ويدعون للمحبة والسلام
ً هناك أنواعا مختلفة من المجتمعات وأنواعا مختلفة من الناس و أنت الذي يحدد مع من تستطيع العيش والتأقلم و ليس كل ما يلمع ذهبا
لا يمكنك تحديد ما هو صالح لتجربتك الانسانية من خلال حواسك الخمس و ما تعتقد به من أفكار و ما تتبناه من تقاليد، ما نراه بعيوننا لا يعكس الحقيقة التي نحتفظ بها في عقولنا، غالبا يكون هناك اختلاف بين ما نراه والواقع
أن تكون إيجابيا لا يعني أن الحياة ستكون كذلك في كل الأحوال
كل الناس متساوون وكل الأشياء تبقى أشياء وأن كل الأحداث والظروف تبقى أحداثا و ليس هنالك شيء أفضل من شيء و ليس هنالك شخص أحسن من الآخر ولا حدث خير من حدث آخر بالنسبة للكون
إنما أفكارنا هي التي تجعل الأشياء والأشخاص والظروف تبدو أفضل وأجمل من أخرى، بينما في الحقيقة كل شيء في جوهره واحد
وإن الافكار تجعل الأشياء والأشخاص والظروف خداعة أما الجوهر فهو نفسه في جميع الأحوال وهو أن تكون
الذي ينتبه للصراعات الخارجية والأزمات والأحداث غير الجيدة يتناغم مع هذه الصراعات بظهور أفكار تجعلك تتعاطف مع هذه الأزمات والأحداث غير الجيدة
وفي نفس الوقت تغريك أشياء أخرى خارجية تريد لفت انتباهك أيضا، إنما لو غيرت ما تنتبه له في الواقع إلى الانتباه لما تحبه فقط لما كانت هناك أفكار تجعلك ترتبط وتقاوم الواقع الذي تعيش فيه؛
و أن تحب واقعك (يعني أن تتنازل عن منطق الحصول على المتعة) بل أن تحب ما تعيشه حاليا وتتصالح مع ما تعيشه حاليا كيفما كان
و هذا هو الذي يجعل عقل المتنور في حالة من الإطمئنان و الإستعداد و في حالة من التدفق النفسي، فلم تعد بحاجة لمقاومة نفسك و لا مقاومة الآخرين
تدع الحياة تكون من حولك و تدرك حينها أن الأمس ليس هو الغذ و أن كل شيء يتغير بإستمرار و كل شيء في حركة و سريان
و أن لكل بداية نهاية، و أن ارتباطاتك النفسية أيضاً لا بد لها من نهاية و متعك و آلامك النفسية لها نهاية أيضاً
لذلك تنتبه روحك لفراغها و تحاول أن تسترجع توازنها بعيداً عن الكارما السلبية و بعيداً عن الأفكار القديمة و المعلومات التي جعلتك تعيش ما عشته و جعلتك تتيه في حياة غير مناسبة
و تعود أدراجك إلى حالة نفسية متحررة من الكارما السلبية، حينها تنتبه لقولك و نياتك و أفعالك جيداً حتى لا تنجرف إلى شيء غير صحي و غير متوزان
إن لكل نية و لكل قول و فعل قدرة هائلة على إستمالة انتباهنا و تغيير مسار حياتنا بشكل مذهل، قد يكلفنا أشياء ثمينة و غالية
و على هذا الأساس لا بد لنا من إعادة توجيه انتباهنا لما يخدم توازننا النفسي و نضجنا، و ليس العكس
لأن نتائج أفكارك و أفعالك وكلامك ستحصدها عاجلاً أم آجلاً و ستظهر في حياتك
فعلى المتنور أن ينتبه حتى لا يضيع في أفكاره السلبية و نواياه اللاواعية الأخرى,و حتى لا يعتقد أن العالم من حوله زاخر بالإيجابية و الإيجابيين فقط و أن كل تجربة في الحياة يمكن أن يعيشها دون أن تؤثر فيه إلا بشكل إيجابي
المتنور يكون دائماً في حالة من التوازن، وهو ليس إيجابي التفكير بشكل مبالغ فيه و لا متشائم، بل يكون واقعياً و يستحضر قانون الكارما
الذي يقول بأن لكل فعل و قول و نية انعكاسات على حياته الشخصية و على من حوله أيضاً من أصدقاء و زملاء و علاقاته الإجتماعية الاخرى
أيها المتنور دمت في حرية
إرسال تعليق