مرحباً أيها المتنور
الأنا هي ما تحتفظ به بداخل وعيك من أفكار و تحليل و مناقشات و مواضيع كثيرة، و رغبات متعددة و طموحاتك و آمالك و رغبتك في المزيد من اللذة
و هذه الأشياء التي تحتفظ بها بداخل وعيك تشكل الأنا أو نفسك، و هي مصدر الفوضى في العالم
كيف نتحرر من هذا الذي يملؤ وعينا ؟
الأمر لا يتطلب إلا الإنتباه و المشاهدة؛ التي هي إنتباه بدون أي رد فعل و لا إبداء رأي، هي فقط مشاهدة
مشاهدة العالم من حولك الذي يعج بالحياة و مشاهدة نفسك و هي تحلل كل شيء دون أن تصدر أي حكم عليها و دون إتخاذ أي قرار
فقط مشاهدة نفسك !
و أنت تشاهد نفسك تستطيع استيعابها في كل لحظة
و أنت تشاهد فإنك في نفس الوقت تتحرر من ذلك الذي يملؤ وعيك، و في نفس الوقت تستطيع الإستيعاب في كل لحظة؛ إستيعاب علاقاتك الإجتماعية،إستيعاب من حولك من أشياء و أحداث و ظروف و و كذا إستيعاب نفسك في كل لحظة !
أن تستطيع المشاهدة دون أي مجهود عقلي و لا أية ردود أفعال، أن تنتبه و ليس أن تحلل و تناقش
أن تنتبه هو أن توقظ نفسك بنفسك من تلك النقاشات الداخلية و التحليل المستمر.
و هذا لا يحتاج مجهوداً عقلياً، و لا ذكاءاً حاداً و لا تجربة معينة،
بل كل ما يتطلبه الأمر هو أن تلاحظ و تنظر دون مجهود بل بكل تسليم و بكل ثقة، لأن هذا يسمح للعقل بأن يرجع لطبيعته الأولى
فالعقل الإنساني يحتاج مساحة من الفراغ التي لا توجد فيها أية مقاومة نفسية إتجاه ما تعيشه و لا أي شكل من أشكال الشعور بالإنزعاج أو الشعور بالذنب و غيره من المشاعر الأخرى
و لا أي شكل من أشكال التحليل المرهق و التفكير المنطقي الزائد في كل شيء بدون أي هدف،
علينا أن نوفر لأنفسنا مساحة خاصة من الفراغ من أجل أن يعيد العقل ترتيب نفسه بالشكل الصحيح؛و هي تلك المساحة التي لا يمكننا فيها مقاومة و لا رفض أي شيء و لا الخوف من أي شيء كيفما كان و أياً كان و تحت أي ظرف،
هي مساحة من الفراغ التي تنتهي فيها جميع أشكال الإرتباطات الأخرى و المثيرات الخارجية كيفما كانت، هي مساحة من الفراغ تسمح فقط للعقل بأن يعيد ترتيب نفسه بالشكل الصحيح حتى يستطيع إزالة ما يمكن ازالته و الإحتفاظ بما يمكن الإحتفاظ به، و هي عملية طبيعية يحدثها العقل بشكل لا واعي في جميع الظروف لأن عليه في النهاية أن يرتب كل شيء حتى لا يسقط في الفوضى،
و إذا لم نستطع أن نوفر لعقولنا الفراغ الكافي لذلك فإنه يحدث الفوضى، التي يمكننا الشعور بها و التي تظهر على أشكال أفكار مزعجة و قهرية في حالات أخرى، علينا توفير هذا الفراغ بشكل واعي كما يحدث في حالة النوم
لأن العقل لا يمكن أن يرتب نفسه إلا حين تكون هناك مساحة متحررة من الإنتباه المبالغ فيه للأشياء و المثيرات الخارجية الأخرى و المزيد من المشتتات، و حين تكون لديك أشياء مؤجلة كثيرة و توقعات أخرى،
على الفرد أن لا يؤجل و لا يتوقع لأن هذا بالظبط ما يجعل عقله في حالة من الفوضى، إذا كانت تنتظرك مسؤوليات فعليك أن تنهيها في وقتها المناسب دون تأجيل، و إذا كنت تتوقع الوصول لشيء ما في المستقبل
أو تنتظر حدوث شيء ما في المستقبل (هكذا دون سبب يذكر)، فعليك أن تنهي هذا الإنتظار بشكل نهائي و فوراً .
عقل لا يؤجل و لا يتوقع هو عقل في حالة من الترتيب الجميل جداً، يسمح بالتناغم و التوازن و الشعور بالإطمئنان و الثقة .
الجمال أن تستطيع التحرر من كل إرتباط و من كل رغبة و من كل فكرة و معتقد قديم
و أن تستطيع أن تكون لا شيء هو أهم شيء و هو كل شيء؛ لأنه في هذا اللاشيء تستطيع أن تحرر كل طاقاتك من كل الإرتباطات و الأفكار القديمة و المعتقدات الاخرى التي تبقيك في نفس ذبذباتك.
أيها المتنور دمت في جمال
إرسال تعليق