مرحباً أيها المتنور(ة)
صحيح هناك إختلاف كبير بين رؤيتك عن المجتمع وبين المجتمع نفسه
هناك إختلاف في القيم و الأولويات فهناك من لديه رغبات و حاجيات يجب أن يلبيها أولاً و هناك من لديه أفكار قهرية يجب أن يسقطها على الواقع و هناك من لديه ميولات غير طبيعية و آخرين مضطربين نفسياً...إلخ
و كل يعيش في عالمه المختلف و الخاص به ، و قليل جداً من الناس من تستطيع أن تتجرد و تتحرر من أنانيتها و تمركزها على ذاتها،
ما الذي يريده الناس ؟ و ماذا تريد ؟
غايات الناس و غايتك أنت هي سبب كل المشاكل و أيضا سبب كل التوافق، فإن كانت أهدافك و غاياتك هي نفسها أهداف و غايات الناس من حولك فإن الحياة تتحول لشيء سعيد جداً و ملهم
و إن كان العكس فإن كل شيء يتحول لمشاكل و أخطاء و عدم توافق
هناك مفارقة كبيرة بين إنسان يريد الحرية و الإستقلالية للناس و آخر يسعى لإستعباد الناس و التسلط عليهم
فالأول يؤمن بأن كل إنسان يجب أن يعيش حرية تسمح له بأن يمارس حياته بالشكل الذي يناسبه و الثاني تستفزه هذه الفكرة و يشعر بالتهديد حين يسمعها
لأن الفرد الأول هو إنسان لا يحتفظ بافكار قهرية و هو متحرر من ذلك التفكير المتسلط الأناني و تخلى بشكل كامل عن أي شيء يغذي العنصرية و التفرقة، و كذلك هو ينبذ كل أشكال التطرف
أما الفرد الثاني لا يستطيع أن يحرر عقله من هذه الأفكار، بل يغذي العنصرية و يغذي أفكاره الجشعة بإستمرار و لا يستطيع إدراك غير هذا، حتى صار أعمى البصيرة و لا يرى إلا نفسه
المجتمع فيه كل أشكال و أنواع الناس، و تمييز نيتك و هدفك يجعلك لا تتوافق مع من لديهم أهداف مختلفة عن أهدافك و أولويات مختلفة عن أولوياتك
أن تعرف ما تريد هو الحل و أن تحدد الذي تريد هو شيء ينتقل بك من مشاكل عدم التوافق و عدم الإنسجام مع المجتمع و معظم أفراده إلى الإنسجام و التوافق مع الذي تريده أن يكون في حياتك و الذي يناسب قيمك،
أن تكون لديك صورة عن الشيء الذي تريده يجعل طاقاتك العقلية أكثر تركيزاً و أكثر قوة، و لن يبقى العقل تحت سيطرة نوايا الآخرين و دوافعهم
فكما لو أن العقل يستجمع حريته من كل ضوضاء المجتمع و صراعاته و كذا إغراءاته الأخرى، و هذه الحرية تعطي دافعاً غير مرئي لذلك الهدف أو النية ليتجلى في واقعك بشكل لم تكن تتوقعه.
فيجب على الفرد أن يوجه عقله للشيء الذي يريده من الحياة و الذي يوافق قيمه، حتى يعيش ذلك بشكل واقعي.
عليك أن تهيء نفسك لما تريد أن تكون عليه حياتك، ليتجلى ذلك في واقعك
عليك أن تكون جاداً في هذا الأمر، لأنك ستعيشه آجلاً أم عاجلاً
عليك أن تكون صارماً في تحديد ما تريده، و صارماً في التخلي عن مقاومة ما تعيشه؛ فما تعيشه هو كل ما تستحقه حالياً، لذلك عليك تقبله نفسياً و تسمح لكل شيء بالحدوث كما قدر له، لأنه لا يمكنك تغيير قدرك الحالي و لكن يمكنك تقبله و محبته لأنه كل ما تستحق، و لأنه ظهر بهذا الشكل دون مرواغة و لا كذب بل ظهر كما هو مقدر له، و بالشكل الذي يناسبك و يعكسك بشكل عادل.
لذلك لا داعي لإرهاق نفسك بما سيحدث و كيف يحدث و متى يحدث، لأن الذي يحدث هو تجلي لما كنت تؤمن به في الماضي
و لا داعي للخوف؛ الخوف من الذي يحدث، لأن الذي يحدث هو شيء حدث سالفاً بالنسبة لروحك، و لا يمكن تفاديه حالياً
أنت نتيجة لتاريخ حافل من الأحداث السلبية و الإيجابية و أنت نتيجة خياراتك و قراراتك السابقة و نتيجة كل ما كنت تهتم له في السابق و نتيجة ميولاتك و نتيجة تجاربك و مجهوداتك و آمالك و فلسفتك و أحلامك و أنت نتيجة ما تستطيعه و ما تقدر عليه و نتيجة ما آمنت به و ما سعيت من أجله، أنت إذن ثمرة كل هذه المجهودات و أنت الجمال الذي تعبر عنه المشيئة الإلاهية .
و ما يميز المشيئة الإلاهية هي أنها صادقة و لا يمكنها أن تنافقك، ما تعيشه الآن هو كل ما تستحقه حالياً
أ ليس هذا ما كنت تبحث عنه؛ شيئاً صادقاً و حقيقياً ؟
ما تعيشه الآن هو الحقيقة التي تستحقها و هو التدفق الذي لا يمكن تفاديه، لأنه يمثل ما كنت تبحث عنه و ما كنت تريد عيشه في الماضي، و ها هو الآن يتجسد أمامك
تكشف لك المشيئة الإلاهية ( القدر ) كل الحقيقة بشكل صادق دون مراوغة و دون نفاق و لا تزييف، و ينكشف كل شيء على حقيقته، إن كان خيراً فخيراً و إن كان شراً فصبراً جميلاً،
و ما على الفرد إلا تقبل القدر برحابة صدر كيفما كان، أو على الأقل تذكر أن القدر ليس شخصاً بل مشيئة إلاهية صادقة و حقيقية عادلة، جعلتك ترى الواقع وفقاً لنواياك و ما كنت تحتفظ به من أفكار و فلسفة و إيمان و ميولات و مجهودات و تجارب و آمال و خيارات و قرارات ...إلخ
و ها هي الآن المشيئة الإلاهية تعطيك فرصة جديدة، لتستعيد حرية عقلك و تكون حاسماً في مسألة قيمك الأساسية دون تردد أو خوف بل بكل شجاعة
و تعرف أنك تعيش الجمال لولا الخوف، و أن مجهوداتك لا تضيع أبداً و أن قراراتك و فلسفتك تؤثر في كل لحظة على قدرك بالكامل، و أن المشيئة الإلاهية لا تحتاج إرهاق نفسك،
الخوف من الرفض يبقي المرء مرتبطاً بظروف لا تناسبه، و الخوف من المجهول يكبح الشجاعة و الخوف من الفشل يكبح الإرادة
و الحقيقة أنه لولا هذه المخاوف لما كانت هنالك دراما و لا مشاكل، فالخوف الدفين بوابة المشاكل و الدراما .
إن القدر يعكس قيمك الذاتية و فلسفتك بشكل حرفي و إبداعي أكثر مما تتصوره !! سواء أدركت ذلك أم لا
و إذا كان أحدهم يحاول مراوغة الناس و تزييف الحقائق و الكذب و تشويه ما يجري في الواقع ليخدمه، فإنه لن يستطيع مراوغة القدر و لا تفادي العدالة الإلاهية، لأن قيمه هذه و فلسفته هي كل ما سيعيشه و كل ما سيراه و ما سيستطيع إدراكه و لن يبلغ ادراكه أكثر من هذا .
العدالة الإلاهية تقول لك شاهدني ! لا تجزع و لا تخف، لا ترهق نفسك لكي تراني، أنا في كل قصة و في كل حدث، أنا في كل مكان من حولك
أيها المتنور دمت في محبة
Post a Comment