يقول الفيلسوف الرواقي ماركوس اوريليوس، اعلم ان الحياه تساوي شيئا واحدا، معركتنا الدائمه ضد مشاعرنا الضعيفه والرغبات المدمره،
كل منا يعيش معركه داخليه معركه تضعنا وجها لوجه امام اهوائنا؛ رغباتنا تلك الاصوات الداخليه التي تدعونا للراحه، للتساهل، والاستسلام ، عبيد لهذه الاصوات ام نحن سادة على انفسنا، هل نستسلم لمشاعرنا ام نسيطر عليها!
هذه هي الاسئله التي كان كانت توجه الفيلسوف الروماني ماركوس اوريليوس في كل خطوه من حياته.
يمكن للرواقية و هي فلسفه اثبتت نفسها عبر العصور أن تصبح سلاحك الاعظم في معركتك الداخلية.
سنتناول ١٠ نصائح من حكمه ماركوس اوريليوس حول بناء الانضباط الذاتي، وهو السلاح الاساسي في مواجهه الحياه والتغلب على مصاعبها.
دعنا نبدا في اكتشاف كيفيه احداث تغيير ايجابي في حياتنا، منذ لحظه استيقاظنا،
يبدأ الانضباط الذاتي بايجاد هدفك، اذا تاملت في حياه اولئك الذين حققوا انجازات عظيمه، ستجد ان هناك خيطا مشتركا بينهم جميعهم كانوا على درايه تامه بالهدف الذي كانوا يسعون اليه، الهدف ليس مجرد فكره غامضه، او رغبه عابره بل هو تلك القوه التي تدفعك للاستيقاظ كل صباح، و بحماس، تلك الشعله التي تضئ طريقك وسط العواصف والصعاب.
عندما نتحدث عن الانضباط الذاتي لا يمكننا الفصل بينه وبين الهدف.
كيف يمكنك ان تفرض الانضباط على نفسك دون ان تعرف لماذا؟
دون ان تكون مدفوعا بشيء اكبر من تعيشه حاليا، الهدف هو تلك البوصله التي توجه كل افعالك وقراراتك، بدونها تصبح الحياه مجرد سلسله من الاحداث العشوائيه، تقذفك كامواج الحياه من مكان لاخر دون وجهه، لكن دعنا نتعمق اكثر، العثور على الهدف ليس مجرد تحديد وظيفه او انجاز مادي انه معرفه ما الذي يجعلك تشعر بان حياتك تستحق العيش، قد يكون هدفك خدمه الاخرين او اتقان فن معين او حتى تحقيق السعاده الداخليه والسكينه.
المهم هو ان يكون هذا الهدف نابعا من اعماق روحك وليس مجرد فكره زرعها الاخرون فيك، الانضباط الذاتي ليس شيئا تفرضه على نفسك بالقوه، بل هو نتيجه طبيعيه للارتباط العميق بهدفك، عندما تجد هذا الهدف، يصبح الانضباط جزء منك، تصبح كل عقبه مجرد خطوه نحو تحقيق هذا الهدف، الرغبات اللحظيه والتشتت، تصبح اقل اهميه لانك موجه نحو شيء اكبر واعظم، يقول ماركوس اوريليوس كل صباح استيقظ مع فكرة: ما هو الهدف الذي اعمل على تحقيقه اليوم ؟
هذه ليست مجرد نصيحه، بل هي طريقه حياه اذا كنت تريد ان تحقق الانضباط الذاتي، ابدا بايجاد هدفك اجعل هذا الهدف واضحا في ذهنك ودع كل فعل تقوم به يكون خطوه في طريق تحقيقه، مع كل خطوه تخطوها نحو هدفك ستشعر بزياده في قوتك الداخليه ستشعر بالرضا عن نفسك وستبدا برؤيه النتائج التي لطالما حلمت بها، ولكن تذكر الهدف ليس نهايه الطريق بل هو بدايه انه الدافع الذي سيحركك للامام حتى عندما تكون الطريق مظلمه وشاقه .
سنستمر في استكشاف كيفيه بناء هذا الانضباط الذاتي وكيف يمكن ان يقودك الى حياه مليئه بالمعنى والانجاز،
١.كن حاضرا كل يوم، الحياه تتدفق كالنهر ولكننا غالبا ما نغرق في الافكار، اما غارقين في ندم الماضي او قلقين بشان المستقبل كم مره تجد نفسك منشغلا بماذا سيحدث غدا او بما حدث بالامس ربما تشعر بان الوقت يتسرب من بين يديك وانك تفقد اللحظه الحاليه ولكن اذا كان هناك شيء واحد يمكننا ان نكون على يقين منه فهو اللحظه التي نعيشها الآن، فالرواقية تعلمنا ان نكون حاضرين في كل لحظه بمعنى ان نعيش حياتنا بكل ما فيها، ان نكون واعين ومدركين لما يحدث حولنا، الحضور ليس مجرد تواجد جسدي بل هو تواجد ذهني وروحي، ان تشعر بكل تفاصيل يومك، ان تتذوق طعم القهوه صباحا، ان تستمع الى حديث احدهم بكل انتباه، ان تكون مدركا لافكارك ومشاعرك دون ان تندفع وراءها بلا تفكير، الحاضر هو الوقت الوحيد الذي نملكه حقا، الامس قد ذهب والغد لم ياتي بعد، ما يهم هو الآن، هذه اللحظه التي تعيشها الآن، هي اللحظه التي تشكل حياتك.
حينما تكون حاضرا تصبح اكثر قدره على اتخاذ القرارات الصحيحه لانك لا تكون مشوشا بافكار من الماضي او قلق المستقبل، عندما تعيش كل لحظه بحضور كامل تبدا في ملاحظه التفاصيل التي قد تغفل عنها اذا كنت مشتتا، تبدا في رؤيه الجمال في الاشياء البسيطه وتكتسب عمقا في تجربتك للحياه، ماركوس اوريليوس يدعونا لان نكون حاضرين لاننا اذا فقدنا الاتصال باللحظه الحاليه نفقد الاتصال بالحياه نفسها، فكر في الامر كنوع من التدريب كل يوم حاول ان تكون حاضرا في كل ما تفعله عندما تشعر بان عقلك يتجول في الماضي او المستقبل اعده برفق الى اللحظه الحاليه، سيكون الامر صعبا في البدايه ولكنه مع الوقت سيصبح عاده، ومع هذه العاده ستجد ان حياتك اصبحت اكثر ثراء واكثر معنى، الحضور ليس فقط عن عيش اللحظه الحاليه بل هو ايضا عن التحكم في الافكار والمشاعر
عندما تكون حاضرا تصبح اكثر قدره على التحكم في انفعالاتك عندما تواجه تحديا، بدلا من ان تنجرف في رد فعل عاطفي ستتمكن من ان تقف، وتفكر ما هو الرد الافضل في هذه اللحظه كيف يمكنني ان اتعامل مع هذا الموقف بطريقه تعكس قيمتي كفرد واع ومسؤول.
الانضباط الذاتي يبدا بالحضور لانه عندما تكون حاضرا تكون في موقع السيطره، انت تدرك ما يحدث من حولك وتستطيع ان تختار الرد المناسب، وهذا الحضور هو ما يقودك في النهايه الى حياه اكثر انضباطا اكثر توازنا واكثر عمقا
في عمق كل انسان هناك رغبه طبيعيه للبحث عن الدعم، عن من يحمل معه بعضا من أعبائه، نلجأ الى الاخرين طلبا للمشورة للحمايه او حتى للراحه، ولكن ماذا لو اخبرتك ان هذه الرغبه في الاعتماد على الاخرين قد تكون سلاحا ذا حدين انها تميل بنا نحو الضعف نحو الاعتماد، نحو الابتعاد عن القوه الحقيقيه التي تكمن في داخلنا، ماركوس اوريليوس الامبراطور والفيلسوف عاش حياته تحت ضغط هائل لم يكن يملك رفاهيه الاعتماد على الاخرين لقياده الامبراطوريه الرومانيه، بل كان يعلم ان قوته الحقيقيه تكمن في اعتماده على نفسه، كان يدرك ان الحكمه والمعرفه الحقيقيه تاتي من الداخل وليس من الخارج، يقول افعل كل شيء وكانك تعتمد فقط على نفسك وتقبل كل ما يحدث وكانه مقدر، عندما تعتمد على نفسك تصبح سيدا على مصيرك، لن يكون عليك الانتظار حتى يمد لك الاخرون يد العون لانك ستملك القوه لتنهض بنفسك، الاعتماد على الذات هو بدايه كل شيء هو الشراره التي تشعل نار الانضباط الذاتي لكن كيف يمكننا تحقيق ذلك اولا افهم ان القوه الحقيقيه تاتي من الداخل
هناك اعتقاد خاطئ بان الاشخاص الناجحين هم اولائك الذين يمتلكون كل الموارد والدعم من حولهم ولكن في الواقع النجاح يبدا من الداخل، من الايمان الراسخ بقدرتك على تجاوز العقبات مهما كانت صعبه، لا تنتظر من الظروف ان تتحسن او من الناس ان يتغيروا اعمل على نفسك قم بتطوير قوتك الداخليه واستخدمها لدفعك نحو الامام،
ثانيا تدرب على اتخاذ القرارات بنفسك قد يبدو اتخاذ القرارات امرا مرهقا ولكنه جزء لا يتجزا من الاعتماد على الذات، ماركوس اوريليوس كان يقول توقف عن النظر الى الخارج، لتجد ما تحتاجه ابحث داخلك لان كل ما تحتاجه موجود بالفعل هناك، القرارات الصعبه هي ما يصنع الانسان القوي، لا تخف من الخطا، فكل قرار هو درس جديد ينضاف الى حكمتك وقوتك، اخيرا تذكر ان الاعتماد على الذات لا يعني العزله قد يبدو ان الاعتماد على الذات يشير الى الابتعاد عن الاخرين، لكن الحقيقه هي ان الشخص الذي يعتمد على نفسه بصدق، هو من يعرف كيف يساهم في مجتمع قوي ومستقل، انه يعرف قيمته ويعرف متى يقدم المساعده ومتى يطلبها اذا كانت ضروريه، في النهايه عندما تعتمد على نفسك فانك تتحرر من قيود التوقعات، من مخاوف الفشل، ومن الحاجه المستمره للحصول على تاييد الاخرين، انت تصبح الشخص الذي يمكنه الوقوف في وجه العواصف بثبات لانك تعرف أنها القوه الحقيقيه وراء نجاحك
تذكر اذا كنت قادرا على الاعتماد على نفسك فانك قد بدات بالفعل رحله بناء الانضباط الذاتي، تابع هذه الرحله واستمر في التعرف على المزيد عن كيفيه تسخير هذه القوه لبناء حياه مليئه بالحكمه والتوازن،
اربعه تدرب على تحمل المشقه بارادتك، في عالم يسعى فيه الجميع الى الراحه والسهوله تعتبر المشقه سلاحا منسيا نحن نعيش في زمن يعزز ثقافه الراحه حيث يكون السعي وراء الحياه السهله هدفا يسعى اليه الكثيرون لكن دعونا نطرح سؤالا بسيطا هل تاتي القوه الحقيقيه من الراحة ؟
سينيكا الفيلسوف الرواقي الشهير قال لا يمكنك اكتشاف القوه في الراحه، القوه الحقيقيه ليست في الانغماس في الرفاهيه بل في القدره على مواجهه الصعوبات وتحمل المشقه بارادتك، في هذا السياق لننظر الى مفهوم المشقه باعتباره حجر الزاويه في بناء الانضباط الذاتي، تحدي الذات، المشقه كاداه، المشقه ليست مجرد حاله طارئه تُفرض علينا من الخارج بل هي اداه يمكنك استخدامها بارادتك لتقويه ذاتك عندما تتخذ قرارا واعيا بمواجهه تحديات صعبه سواء كانت جسديه او نفسيه، فانك في الحقيقه تدرب نفسك على السيطره، انت تُعلم عقلك وجسدك ان يلتزم باوامر وليس العكس على سبيل المثال: تأمل في تمرين بسيط الاستيقاظ في ساعه مبكره من اليوم رغم الرغبه القويه في النوم، هذه اللحظه التي تقرر فيها النهوض من السرير رغم دفء الفراش هي انتصار صغير على النفس، لكنه انتصار يفتح الباب امام انتصارات اكبر في المستقبل، كيف تحول المشقه الى عاده.
الامر لا يتطلب منك ان تلقي بنفسك في اعماق الصعوبات فجأة، بل ابدا بالتدريج، ضع لنفسك تحديات صغيره يوميه قد تكون الصيام عن تناول طعام معين لفتره او ممارسه الرياضه رغم التعب او حتى مقاومه الرغبه في التحقق من هاتفك بشكل متكرر،المهم هو ان تبدا بتدريب نفسك على الانضباط من خلال التحديات الصغيره لان تلك الصعوبات الصغيره ستبني لك اساس قويا يمكن الاعتماد عليه عندما تواجه تحديات اكبر في الحياه،
فوائد اختيار المشقه بارادتك عندما تختار المشقه بارادتك تبدا في ملاحظه تغيرات جذريه في حياتك، تصبح اكثر قدره على تحمل الضغوطات الخارجيه، تصبح قادرا على مواجهه الظروف القاسيه بثبات لانك دربت نفسك على الا تكون عبدا للراحه، وبهذا تتحرر من الكثير من القيود النفسيه التي تُضعف الاخرين، الامر يشبه التدريب في الصاله الرياضيه، في البدايه قد تجد الاوزان ثقيله والمشقه كبيره، لكن مع كل مره تتحدى فيها نفسك تزداد قوتك وتصبح الاوزان اخف، والمشقه اقل، كذلك هي الحياه .
تحدياتها قد تكون ثقيله في البدايه لكن مع التدريب المستمر تصبح اكثر قوه وقدره على تحملها في نهايه المطاف فان القوه الحقيقيه تاتي من القدره على مواجهه الصعوبات وليس الهروب منها، كل تحد تختاره بارادتك هو فرصه للنمو وكل مشقه تتحملها بارادتك هي خطوه نحو الحريه الحقيقيه،حريه التحكم في نفسك ومواجهه الحياه بشجاعه والاستمرار في الطريق نحو تحقيق اهدافك، لذا لا تخف من المشقه، بل ابحث عنها، احتضنها، واستفد منها، لتصبح نسخه اقوى من نفسك، هنا تكمن القوه الحقيقيه.
٥.لا تلعب دور الضحيه: في حياتنا اليوميه نتعرض جميعا لمواقف صعبه وتحديات قد تبدو في بعض الاحيان غير جيدة،
قد تجد نفسك امام موقف او شخص يشعرك بالظلم او تلاحظ ان الحظ لم يكن الى جانبك، في مثل هذه اللحظات قد يكون من المغري جدا ان نستسلم ونعتبر انفسنا ضحايا لهذه الظروف، لكن ماذا لو اخبرتك ان لعب دور الضحيه هو بمثابه فقدانك للقوه الحقيقيه التي تملكها، الرواقيه تعلمنا ان القوه تكمن في داخلنا في طريقه تفكيرنا وردود افعالنا وليس في الاحداث الخارجيه التي نتعرض لها، عندما نختار ان نعتبر انفسنا ضحايا نحن ببساطه نتخلى عن سيطرتنا على حياتنا، نحن نمنح القوه لتلك الاحداث الخارجيه كي تحدد مصيرنا وحالتنا النفسيه.
ماركوس اوريليوس الامبراطور الفيلسوف عاش حياه مليئه بالتحديات حكم امبراطوريه تواجه العديد من الازمات من الحروب الى الطاعون لكنه لم يكن يتدمر او يشتكي من الظروف بدلا من ذلك كان يؤكد ان ردود افعاله تجاه هذه الظروف هي التي تهمه، وليس الظروف نفسها هذا هو جوهر الفكره نحن لا نستطيع التحكم في كل ما يحدث لنا ولكننا نملك القدره على التحكم في كيفيه استجابتنا لما يحدث، دعونا ناخذ مثالا بسيطا تخيل انك في طريقك الى العمل وتعرضت لحادث سير بسبب خطا سائق اخر يمكنك ان تقضي يومك كله متذمرا وغاضبا تشعر بانك ضحيه لهذا الحادث وان العالم غير عادل .
ولكن كيف سيؤثر هذا الشعور عليك، هل سيجعل يومك افضل ام انه سيزيد من إحباطك وتوترك، الرواقي يختار ان ينظر الى هذا الموقف بطريقه مختلفه، هو يدرك ان الحادث قد وقع ولا يمكن تغيير ما حدث، لكن ما يمكنه فعله هو ان يختار كيف سيتعامل مع الوضع قد يقرر ان ينظر الى الحادث كفرص لتعلم الصبر او للتفكير في امور حياته من منظور جديد، بامكانه ايضا التركيز على الاشياء الايجابيه مثل ان الحادث لم يكن اسوا مما كان عليه، من هنا نتعلم درسا مهما، كلما تبنينا عقليه الضحيه نحن نتخلى عن جزء من سيطرتنا على حياتنا ولكن عندما نختار ان نكون فاعلين ان نتحمل مسؤوليه ردود افعالنا وافكارنا نحن نستعيد تلك السيطره نحن نتحرر من القيود التي قد تفرضها الظروف علينا ونصبح قادرين على توجيه حياتنا نحو الوجهه التي نرغب فيها عندما تواجهك التحديات القادمه في حياتك تذكر هذا الدرس لا تدع الظروف الخارجيه تحدد مصيرك كن الفاعل وليس المفعول به امتلك القوه الحقيقيه التي تكمن في داخلك ولا تسمح لاي شيء بان يجعلك ضحيه، فهذا هو طريق الحكمه وطريق الرواقيه،
اجعل التاجيل في المتعه والرغبات اولويه لديك عندما نتحدث عن الرغبات نتحدث عن تلك اللحظات القصيره من الاشباع التي نشعر بها عندما نحصل على ما نريد فورا، ربما يكون ذلك تناول قطع من الحلوى، رغم معرفتك بانها ليست مفيده لصحتك، او ربما تصفح وسائل التواصل الاجتماعي بدلا من انهاء عملك، الرغبات والمتعه الفوريه يمكن ان تبدو مغريه ولحظية، قد تعطيك احساسا بالسعاده، لكن هل تسائلت يوما عن الثمن الذي تدفعه مقابل هذه اللحظات القصيره، فكر في الامر كل مره تخضع فيها لرغبه فوريه تفقد جزءا من سيطرتك على نفسك، كل مره تتخلى فيها عن الالتزام بتاجيل الاشباع تدعم فكره ان رغباتك اقوى منك وهنا يكمن الخطر تصبح عبدا لاهوائك،الرواقيون فهموا هذه الفكره بعمق، انهم لم يرفضوا الرغبات لانها سيئه في ذاتها بل لانهم عرفوا انها يمكن ان تُضعف قوة ارادتنا وتقيد حريتنا،
ماركوس اوريليوس نفسه كان يدرك ان القوه الحقيقيه لا تاتي من اشباع الرغبات بل من القدره على تاجيلها والتحكم بها.
يقول أن احدى القيم الاساسيه هي ان تعيش حياه تتوافق مع الفضيله، وليس مع الملذات العابره، لتفهم هذا تخيل انك تقف امام نار الرغبه كلما اقتربت منها للحصول على دفئ لحظي تحترق اكثر، لكن ان تعلمت الوقوف بعيدا والتحكم في مشاعرك ستجد ان النار لا تؤذيك بل تنير طريقك، اذا كيف يمكنك تاجيل المتعه كيف يمكن ان تجعل هذا الامر اولويه في حياتك، الأمر يبدا بالوعي، في كل مره، تشعر برغبه قويه توقف لحظه، واسال نفسك هل هذا ما احتاجه فعلا ام ان هذه مجرد رغبه عابره، ستمر قريبا، درب نفسك على الانتظار حتى لو كان لثوان قليله ستجد ان الرغبه تخف شيئا فشيئا، والامر لا يختصر على مجرد تاجيل الرغبات البسيطه، الرواقي يعلم ان الحياه نفسها مليئه بالاغراء التي يمكن ان تعصف باهدافه واحلامه، لذا تاجيل المتع يصبح اداه قويه في يده،
اداه تمكنه من التحكم في مسار حياته بدلا من ان يتحكم فيها تيار الرغبات، عندما تتعلم تاجيل الاشباع الفوري ستجد نفسك تصبح اكثر قوه، اكثر تركيزا واكثر قدره على تحقيق اهدافك الحقيقيه، ستكتشف انك لم تعد عبدا لرغباتك
بل اصبحت سيدا على نفسك، وهذا هو جوهر الانضباط الذاتي، تذكر القوه ليست في مقاومه الرغبات فحسب، بل في قدرتك على تجاوزها والنظر الى ما هو ابعد منها، عندما تصبح سيدا على نفسك تصبح حياتك مليئه بالاختيارات الواعيه وليست مجرد سلسله من الاستجابات العفويه، اذا استطعت ان تتحكم في رغباتك ستكتشف حريه لم تعرفها من قبل، ستجد انك تحررت من قيود كانت تبدو غير مرئيه وان حياتك اصبحت مليئه بالسلام الداخلي والقوه الحقيقيه.
٧ تجاهل المثبطين من حولك: في رحلتك نحو الانضباط الذاتي ستجد دائما من يحاولون ابعادك عن طريقك، هؤلاء قد يكونون
اصدقاء زملاء، او حتى افرادا من عائلتك، قد يشككون في اهدافك وقد يسخرون من طموحاتك وربما يحاولون اقناعك بانك تطلب المستحيل، انهم المثبطون وهم جزء لا مفر منه من الحياه، لكن تذكر ان الفيلسوف الرواقي لا يتاثر براي الاخرين، قوه الروح لا تقاس بعدد المصفقين حولك بل بمدى وضوح رؤيتك لنفسك.
ماركوس اوريليوس يعلمنا ان نستمع لذاتنا، لا للضجيج الخارجي عندما تدرك بعمق ما تسعى اليه وعندما تكون على وعي تام بالقيم والمبادئ التي تقودك فان اراء الاخرين تفقد قدرتها على التاثير فيك، التحدي هنا ليس في تجاهل المثبطين فقط بل في فهم ان ارائهم غالبا ما تنبع من ضعف وليس من قوتك، ربما يخافون مما لا يفهمونه او ربما يشعرون بالتهديد من محاولتك للتحسن والسمو عن المتوسط.
في كل مره تواجه نقدا او تثبيطا، اسأل نفسك هل هذا الراي يعكس حقيقتي ام هو مجرد اسقاط لمخاوف الاخرين، اذا كنت تسير في طريق مختلف عن الاخرين فلا تتوقع ان يصفقوا لك، الناس غالبا ما يعارضون ما لا يفهمونه لكن هذا لا يعني ان طريقك خطا على العكس اذا كنت تواجه مقاومه فقد تكون على الطريق الصحيح، المثبطين ياتون باشكال متعدده قد يكونون من يشككون في قدرتك على النجاح او من يحاولون اقناعك بان تستسلم لان الطريق صعب، لكن الحكمه تكمن في ان تدرك ان هؤلاء الاشخاص في كثير من الاحيان، هم انفسهم الذين لم يتمكنوا من تحقيق احلامهم، لذا يحاولون جرك للاسفل معهم، لتجاهل المثبطين عليك اولا ان تبني ثقه قويه بنفسك، هذه الثقه تاتي من معرفتك العميقه بقيمك واهدافك ومن مراجعتك اليوميه لافعالك، عندما تكون واثقا من نفسك يصبح من الاسهل تجاهل الاراء السلبيه والمضي قدما في طريقك، واخيرا لا تنسى ان المثبطين قد يكونون اكبر معلميك، هم يضعون امامك مراه لما قد تصبح عليه اذا استسلمت، استخدم مقاومتهم كوقود لتزيد من عزيمتك واصرارك، وكما يقول ماركوس اوريليوس العقبات هي الطريق، استخدم كل تثبيط وكل مقاومه كفرص لتثبت لنفسك انك اقوى مما يعتقده الاخرون.
الى الان، انت هنا معنا وهذا دليل على ان لديك قوه داخليه تدفعك نحو الافضل وانا احب الاشخاص مثلك واود اتعرف عليك لذا اخبرني في تعليقات انك وصلت الى هذه الدقيقه من القراءة وايضا تجاهل كل من يحاول تثبيطك وركز على هدفك، الطريق طويل لكنه يستحق العناء استمر معنا لان الرحله لم تنتهي بعد وهناك الكثير لنستكشف معا.
٨.ابحث عن اشخاص حكماء لتقتدي بهم: في رحلتنا نحو تحقيق الانضباط الذاتي، نحتاج الى توجيه، نحتاج الى اشخاص مروا بالطريق نفسه و واجهوا التحديات ذاتها، وخرجوا منها اقوى، هنا تكمن اهميه الحكمه المتوارثه من الاجيال السابقه،الفلاسفه الرواقيون مثل ماركوس أوريليوس و سينيكا، كانوا يدركون جيدا ان الانسان لا يمكنه تحقيق النمو الحقيقي بمفرده لهذا كانوا ينظرون الى حياة الحكماء الذين سبقوهم ويتعلمون من تجاربهم، في عالم اليوم يمكن ان يكون العثور على مرشدين حكماء امرا صعبا، ولكن مع ذلك فاننا محظوظون بان الحكمه متاحه لنا عبر الكتب والمحاضرات والتجارب الشخصيه، التي يمكننا الاستفادة منها، هؤلاء الحكماء ليسوا فقط اولئك الذين نلتقي بهم وجها لوجه بل يمكن ان يكونوا ايضا شخصيات تاريخيه،أو فلاسفه، حتى افراد من عائلتنا الذين يمتلكون الحكمه والخبره، لماذا نحتاج الى هؤلاء الاشخاص في حياتنا لانهم يمثلون لنا مرآة نرى فيها انفسنا بوضوح من خلال التعلم من تجاربهم، نتجنب الاخطاء التي قد نقع فيها اذا سلكنا الطريق وحدنا، الحكمه التي ناخذها من هؤلاء المرشدين تساعدنا على فهم الحياه من منظور اوسع وعلى اتخاذ قرارات اكثر استناره، عندما تبحث عن شخص حكيم لتقتدي به عليك ان تكون دقيقا في اختيارك، ابحث عن اولئك الذين يجسدون القيم التي تطمح اليها، الاشخاص الذين يعيشون حياتهم بانضباط بتواضع وبسعي نحو المعرفه، لا تبحث فقط عن النجاح الظاهري او الشهره بل عن الحكمه التي تاتي من التجارب العميقه والتامل الصادق في الحياه، ماركوس اوريليوس كان يعتبر نفسه تلميذا دائما كان يقرا ويتعلم من الفلاسفه الذين سبقوه وكان يرى في كل تجربه فرصه لتعلم شيء جديد، في كتابه التاملات يسجل ماركوس دروسه من الحياه ويظهر لنا كيف يمكن لتوجيهات الحكماء ان تشكل حياتنا بشكل عميق، لكن تذكروا البحث عن الحكمه ليس نهايه المطاف، المهم هو ان نطبق ما نتعلمه، الحكمه الحقيقيه تاتي من القدره على تنفيذ ما نتعلمه من الاخرين.
في حياتنا اليوميه عندما تجد من تقتدي به،
حاول ان تستوعب دروسه وان تجعلها جزءا من حياتك، اطرح على نفسك دائما كيف يمكنني استخدام هذه الحكمه لتحسين حياتي كيف يمكنني ان اكون شخصا افضل.
ان وجود مرشدين حكماء في حياتنا لا يجعلنا فقط نتقدم في رحلتنا نحو الانضباط الذاتي بل يمنحنا ايضا القوه لمواجهه التحديات بثقه اكبر، لاننا نعلم اننا لسنا وحدنا نحن جزء من سلسله طويله من البشر الذين سعوا للحكمه من قبلنا والذين يمكن ان نستلهم منهم، حكمتهم نطبقها في حياتنا .
٩. قم بمراجعه يومك بصدق: في سباق الحياه اليوميه قد نغفل عن حقيقه بسيطه لكنها جوهريه نحن من نصنع ايامنا، كل فعل،كل قرار، كل كلمه ننطق بها تشكل جزءا من النسيج الذي ننسج لانفسنا ولكن كيف نعرف ان كنا نسير في الطريق الصحيح كيف نضمن ان خطواتنا اليوميه تقربنا من اهدافنا وتتماشى مع قيمنا، الجواب يكمن في المراجعه اليوميه الصادقه،ماركوس اوريليوس الأمير والفيلسوف كان يمارس هذه العاده يوميا في خلوته الليليه كان يجلس مع نفسه يسائل ذاته ويسبر اغوار افعاله وافكاره، على مدار اليوم، هذه اللحظات الثمينه من التامل الذاتي ليست مجرد عمليه محاسبه بل هي أداة فعاله للتطور المستمر،عندما نراجع يومنا نقوم بفعل عميق، له اثر كبير على حياتنا، انها ليست مجرد عمليه تذكر للاحداث بل هي فرصه لفحص نوايانا ومواقفنا وردود افعالنا، نسال انفسنا هل تصرفنا بحكمه، هل كنا صادقين مع انفسنا ومع الاخرين، هل التزمنا بالمبادئ التي نؤمن بها هل كنا رؤساء لانفسنا ام اننا تركنا مشاعرنا تتحكم فينا، لماذا هذه المراجعه مهمه لانها تساعدنا على كشف الانماط السلبيه التي قد نتورط فيها دون وعي، ربما نكتشف اننا نميل الى الغضب في مواقف معينه او اننا نتساهل في قراراتنا عندما نكون مرهقين هذه الاكتشافات قد تكون غير مريحه، لكنها تتيح لنا فرصه لاصلاح اخطائنا والتعلم منها قبل ان تصبح عادات راسخه كما ان المراجعه اليوميه تعزز من قدرتنا على تقدير التقدم الذي نحرز في كثير من الاحيان، نشعر بالاحباط لاننا لم نحقق كل ما نطمح اليه ولكن عندما نراجع يومنا بصدق، نرى ان التقدم يحدث ببطء وباستمرار نلاحظ النجاحات الصغيره التي قد لا نلتفت اليها في خضم الحياه، هذه النجاحات الصغيره التي تشكل اساس التقدم الكبير على المدى الطويل.
كيف نقوم بهذه المراجعه ابدا ببساطه اجلس
في مكان هادئ في نهايه اليوم بعيدا عن اي تشويش خذ نفسا عميقا وابدا في مراجعه احداث اليوم من البدايه الى النهايه اسال نفسك ما الذي فعلته جيدا اليوم اين كنت استطيع ان اكون افضل؟ ما الذي تعلمته هل كان هناك لحظات شعرت فيها بانني كنت على صواب او بالعكس شعرت بالندم. كن صادقا مع نفسك لكن دون ان تكون قاسيا. الهدف هنا ليس جلد الذات بل التعلم والنمو.
كل يوم هو فرصه جديده لتحسين نفسك لتكون نسخه افضل من ذاتك. اذا اخفقت اليوم فهناك غدا لتحاول من جديد ولكن اذا لم تراجع، لن تعرف ما الذي تحتاج لتحسينه، تذكر ان المراجعه اليوميه ليست واجبا ثقيلا بل هي هديه تمنحها لنفسك انها لحظه خاصه تتيح لك الوقوف للحظه وسط دوامه الحياه .
وتفكر وتتعلم انها البوصله التي تُوجهك نحو تحقيق اهدافك وتقربك من الشخص الذي تطمح ان تكونه.
١٠-استهل يومك بقوه في كل صباح، اسال نفسك ما الذي سافعله اليوم ليكون يومي جديرا بالعيش، النجاح في اليوم يبدا قبل ان تفتح عينيك من النوم عندما تستيقظ لديك فرصه لصياغه مجريات يومك والتاثير على حياتك بشكل لم تعتقد انه ممكن، لذا كيف تضمن ان يكون الصباح بدايه قويه تدفعك نحو النجاح، الصباح هو اللحظه التي تحدد كيف ستسير بقية اليوم، كما يقول ماركوس اوريليوس ابدا يومك كانك في معركه لان الحياه هي معركه دائمه ضد الفوضى والمشاكل.
هذا ليس دعوه للتوتر بل لتبني عقليه قوية ، اليك كيفيه القيام بذلك:
١. ابدا بمهمه واضحه قبل ان تخرج من سريرك، حدد هدفا رئيسيا لهذا اليوم ماذا تريد ان تحقق مهما كان صغيرا يجب ان يكون لديك مهام واضحه تركز عليها، هذا سيوجه طاقتك بشكل ايجابي ويمنعك من التشتت.
٢. قم بممارسه التامل او التمرين البدني: يعتبر تامل الصباح او ممارسه التمارين الرياضيه من اقوى الطرق لتهيئه ذهنك وجسمك لبدايه قويه.
سينكا يوضح هذا بقوله التحكم في جسدك يمنحك السيطره على عقلك من خلال تقويه جسدك تقوي قدرتك على مواجهه التحديات.
٣.حدد نواياك ومبادئك: استهل يومك بتذكير نفسك مبادئك وقيمك كن صادقا مع نفسك وكن شجاعا في وجه الظروف ماركوس اوريليوس عندما تركز على القيم التي تريد تجسيدها يصبح من الاسهل اتخاذ القرارات الصائبه طوال اليوم استخدم التاكيدات الايجابيه، ابدا صباحك بتأكيد التصرف بثقه وتحدي نفسك،
يمكن ان تكون جمله مثل اليوم هو فرصه جديده للنمو والتقدم ، هي المحفز الذي تحتاجه لتجاوز اي عقبات قد تواجهه .
٤.تجنب التاجيل لا تدع الصباح يتحول الى فوضى من التردد، ابدا يومك بجديه وحاول انجاز اول مهمه خلال الساعه الاولى من استيقاظك، هذا يخلق زخما ايجابيا يجعلك اكثر انتاجيه لبقيه اليوم،
استعاده السيطره على صباحك ليس مجرد ممارسه لرفع معنوياتك بل هو استراتيجيه قويه لضمان نجاحك في كل يوم، ماركوس اوريليوس كان يعلم ان الاستعداد الدهني والجسدي يمكن ان يحسن جوده الحياه بشكل كبير،
كل صباح هو بدايه جديده وهو فرصه لك لتكتب قصه جديده عن نفسك، لا تترك هذه الفرصه تضيع، استيقظ، تحد نفسك، وابدا يومك بقوه وعزيمه، عندما تبدا يومك بشكل قوي ستشعر انك على استعداد لمواجهه اي تحديات.
دمت في سلام
Post a Comment