أن توجد لجمالك مكاناً في هذا العالم هو كل الحرية

مرحباً أيها المتنور

 

إن تيار الفكر الممتد من العقل الآلي يبحث عن معنى ما،يبحث عن ما يملؤ العقل بالشيء أو المعنى الصحيح الذي يلامس الحقيقة 

فما هي الحقيقة بالنسبة لعقولنا ؟

الحقيقة أو المعنى الصحيح الذي يجعلنا نحس بالسلام و الخلاص من المعاناة؛ معاناة الجهل و عدم المعرفة و معاناة التيه في الخارج و الأشياء  

الجهل بالقيم الذاتية الداخلية و البحث العنيد (المدمر للذات) في الخارج عن قيم داخلية .

 

إن من يبحث عن الحرية كمثال لا يبحث إلا عن  قيمة ذاتية داخلية،و  هو في بحثه هذا يعتقد أن الجواب موجود في الأشياء من حوله أو في علاقاته الإجتماعية 

أو في ما يمتلكه أو في ما يطمح له من إنجازات،بينما لا شيء من ذلك كله يمكن أن يمد العقل بالحرية 

بل إن  المزيد من تلك الأشياء و المزيد من العلاقات الإجتماعية و المزيد من المتعة و الترفيه لا تزيد الإنسان إلا مشاكل و تعقيدات نفسية 

 وسائل التكنولوجيا على سبيل المثال  وفرت لنا الكثير من المتعة و الترفيه و المزيد من الراحة و المزيد من السهولة في الوصول لأشياء و رغبات كانت قبل التكنولوجية  صعبة المنال

إلا أن  الإنسان  ما زال غير راضي على واقعه و يستاء من توافه  الأشياء في الحياة 

 

 صنع الإنسان لنفسه واقعاً خارجياً من أجل الوصول للحرية الداخلية إلا أنه ضل محكوماً و مرتبطاً بتلك الأشياء الخارجية أكثر من نفسه، و الآن لا يستطيع أن يستغني عن تلك الأشياء لقد  أصبحت جزءًا منه،  و هي الآن تملؤه بالمعنى أكثر من أي شيء آخر .

إختلطت المتعة و الراحة الجسدية لدى الإنسان بالحرية و اعتقد أنهما نفس الشيء، و هو غير مدرك لخطورة هذا الخلط الذي قد يحول الحياة لجحيم و معاناة أكبر من أية معاناة أخرى سبقتها 

إن الحرية (و على غرار معنى السلام الذي تحول لما يفيد الحروب) يشهد سوء إستيعاب قد يحوله إلى إبادة  و إنقراض.

و يمكننا الإستعانة بويكيبيديا لفهم ما تعنيه هاتين الكلمتين :

 

الانقراض في علم الأحياء، هو نهاية وجود كائنٍ حيّ ما أو مجموعة من الكائنات الحية (الأنواع). لحظة موت آخر أفراد النّوع هي لحظة الانقراض عمومًا، على الرغم أنّه من الممكن أن يفقد أفراد هذا النوع القدرة على التكاثر والشفاء قبل تلك اللحظة.

و يطلق اسم الإبادة الجماعية على سياسة القتل الجماعي المنظمة ـ عادةً ما تقوم حكومات وليست أفرادًا ـ ضد مختلف الجماعات.

 

و لا شك أن العالم في ما مضى شهد الكثير من المجازر قصد  إبادة جماعة بأكملها أو شعوب بأكملها كالتي حدتث في رواندا و غيرها من البلدان الاخرى

فالعالم لا يرتقي لمعنى الحرية التي يسعى لها أو التي يحملها كشعار !

بل يفهم الحرية على أنها إبادة  الذين يختلفون عنه،و إستعباد  الآخرين 

كما لو أن الحرية تعني بالنسبة للعالم المزيد من الموت و المجاعات و المزيد من الفقر للذين يقفون ضد أيديولوجية الأنظمة الحاكمة، و المزيد من الرفاهية و البذخ للذين يؤيدون الأنظمة الحاكمة 

 

فمعنى الحرية المحصور بين  الصراعات الداخلية لأفراد الشعب نفسه و الصراعات الخارجية بين الحكومات لم يرتقي بعد للإنسانية و التكنولوجيا لم تستطع بعد  إشباع  حاجيات  الناس و رغباتهم بالكامل 

لا يزال هناك مكان فارغ في العقل الذي يبحث عن الحرية و الذي يحمل الحرية كشعار له.

فيا ترى ما هو العقل الحر و ما معنى الحرية ؟

على حد تعبير فريدريك نيتشه : عبارة العقل الحر لا يمكن أن تفهم  إلا بهذا المعنى: إنه عقل محرر قد استعاد تملكه بذاته.

فهل يمكن أن يستعيد العقل ذاته من الأشياء التي أعطاها سلطة عليه؟ 

هل يمكن  للعقل أن لا يرغب في شيء حتى يستعيد سلطته التي أعطاها للأشياء الخارجية؟

و هل يستطيع أن يحرر نفسه من الرغبة في المزيد إلى التسليم بما هو كائن و عدم الإنصياع للإغراءات الخارجية الكثيرة؟

و هل يمكنه عدم  التعاطف مع الأشياء التي تسلبه فردانيته و حريته ؟

إن الحرية تقترن مع الفردانية التي ليست أي شيء و لا أي شخص و لا أية حكومة و لا أية أيديولوجية 

و لا أية وسيلة تكنولوجية، بل الفردانية ليست إلا نوعاً من النضج الذي يسمح للحياة بأن تحدث و يسمح للإنسانية بالإستمرار 

و يجعلنا نعيش تجربة الإنسانية بدون تدمير أي شيء و بدون حروب و لا إبادات و بدون أي صراع و لا مواجهة مع أية طائفة أو مجموعة 

و بدون أن تكون سبباً في أي خراب للإنسانية.

إن الفردانية هي أن تعبر عن إختلاف نظرتك للأشياء،و إختلاف وجهة نظرك و آرائك و إختلاف الإدراك التي تستوعب من خلاله المواضيع 

و إختلاف أهدافك و نواياك و كذا أحاسيسك، إن الفردانية هي أن توجد لجمالك مكاناً في هذا العالم 

و هي أن لا تختبئ في الأشياء و من وراء الناس و الثقافات السائدة و غير السائدة، إنها أن تصنع  ثقافة تخدم فردانيتك لتبزغ للعالم بجمال روحك .

أيها المتنور دمت في سلام