لا شيء يضيع من كل مجهوداتك..أكثر ما يخيفنا هو نورنا

مواضيع مفضلة

Friday, February 19, 2021

لا شيء يضيع من كل مجهوداتك..أكثر ما يخيفنا هو نورنا

 مرحباً أيها المتنور 


لا شيء يضيع من كل مجهوداتك السابقة 


إن النية التي تبنيتها و المجهود العقلي الذي مارسته من أجل إستيعاب موضوعٍ ما أو إستيعاب  قيمة من القيم الإنسانية و كذا تلك العادات التي حاولت تبنيها من أجل تغيير حياتك للأفضل 

 لم تتلاشى و لم تنته، و مجهوداتك لم تذهب سدى، بل كل شيء ينعكس على حياتك بشكل قد لا تتوقعه 

لا شيء يضيع و لا شيء ينهدم و لا شيء يتلاشى ! مجهوداتك السابقة و نياتك السابقة لابد أن تظهر و لو على هيئة أخرى، أفعالك و عاداتك و كلامك لا بد أن تظهر نتائجه و لو  بشكل  مختلف.


في هذا العالم لا شيء يضيع بل كل مجهوداتك تتحول لأشكال مختلفة حتى تستطيع رؤيتها بشكل أوضح، أو كما هو مذكور في قواعد العشق الأربعون التي علمها شمس التبريزي لجلال الدين الرومي، حيث تقول أحد هذه القواعد :

(يشبه هذا العالم جبلا مكسوا بالثلج يردد صدى صوتك، فكل ما تقوله سواء أكان جيدا أم سيئا سيعود إليك على نحو ما.)


وكذلك الأمر بالنسبة للمجهودات التي تمارسها في حياتك اليومية، فكلها ترتد إليك و تعود إليك على هيئة أخرى بل إن منها من تنتظر الفرصة السانحة حتى تظهر في حياتك

إلا أن الأنا ترهقها النيات و لا تستطيع تحملها، و تحاول في كل مرة عرقلة هذه النيات من خلال تبني أو إطلاق نيات معاكسة و هذا يحول دون ظهور نياتك في حياتك،

إن الأنا في جوهرها هي أشبه بذكاء رياضياتي صوري ذهني، صمم من أجل إبقاء الجنس البشري حياً، و تعتمد (الخوف) من أجل ذلك، فالأنا لا شيء في الحقيقة سوى مجموعة من المخاوف التي تبقيك في نفس ذبذباتك و في نفس خط الحياة أو نفس القدر و التي تفرض عليك العيش في نفس الإحتمال كما لو أنه الحقيقة الوحيدة التي توجد في هذا العالم، و هو القدر المحتم عليك حتى موتك.


إن الإنسان عاش آلاف السنين معتمداً على نظام المجموعات و القبائل، و كانت هذه المجموعات هي الملاذ الآمن و الذي يحمي الإنسان من كل أشكال المخاطر الموجودة آنذاك، لذلك فالفرد حين يتلقى أي إنتقاد من المجموعة التي ينتمي إليها فعليه أن يلتزم بذلك الإنتقاد، و يتماشى وفق قوانينهم و يعيش بأسلوبهم و إلا فسيتم طرده بعيداً عن المجموعة ليواجه كل المخاطر التي قد تتسبب في موته، و المفارقة العجيبة هي أن هذا البرنامج مازال محملاً في لاوعينا إلى يومنا هذا، و مازلنا نتأثر به

فأية انتقادات لشخصيتنا نعتبرها جدية و خطيرة كما لو أنه شيء يهدد حياتنا كما كان الأمر منذ الآف السنين، بينما الأمر ليس كذلك اليوم، فالأفكار تبقى مجرد أفكار لا أقل و لا أكثر و نظام القبائل لم يعد معمولاً به و انتهت حياة الغابة مع تطور الإنسان و لم نعد بحاجة لتلك الأساليب البدائية وأنماط التفكير البدائية.


تحرر الإنسان من أشكال عنيفة من  الجهل و الطغيان و البدائية، و هو أيضاً  ملزم اليوم  بالتحرر من رواسب تلك البدائية التي تجعل منه فرداً خاضعاً لسلطة الفكرة، الفكرة التي يؤمن بها المجتمع  أو الفكرة التي يؤمن بها الأجداد أو الفكرة التي سمعناها أو التي نتعاطف معها، طالما هناك أفكار عالقة في عقولنا  هناك مخاوف و هناك مخاطر و هي كلها وليدة الفكرة. 

إذا كانت هناك فكرة، فهناك ثنائيات، سلام و عنف، كراهية و محبة، حياة و موت، ألم و منفعة، و غيرها. 


و الخطر ما هو إلا أوهام أو قصص وهمية تصنعها الفكرة  من أجل إبقائك في نفس مستوى حياتك، و في نفس حالتك النفسية و في نفس معتقداتك و ذبذباتك، و الحرية هي القدرة على معرفة الخطر الحقيقي الذي يهددك، 

و الخطر الوحيد الذي يهددك هو الفكرة نفسها.

 لأن الفكرة تحجب عنك الرؤية الحقيقية و تحجب عنك عوالم مختلفة و متعددة، و تملؤك بالفوضى و تجعلك تشعر بالخوف و بالإرتباك و  بالتهديد و بالنقص و بالإنفصال عن ذاتك. 


الفكرة تجعلك تعتقد أن هناك مخاطر كثيرة في الخارج، حتى تستطيع تشتيت إنتباهك بعيداً عنها، بينما الفكرة نفسها هي الخطر الوحيد و الرئيسي. 


فكرة الحماية و الخطر، ما هي إلا نتيجة عدم وعينا بالجانب  الروحي الكوني، فما الذي سنحميه في نظرك أيها المتنور ؟ و ما الذي نخاف منه ؟ 


نحاول حماية أنفسنا من جانبنا الروحي اللامرئي، و نخاف من قوتنا و من طاقاتنا الذاتية، نخاف من نورنا

أو كما قالت ماريان ويليامسون: أعمق مخاوفنا ليست بسبب عدم كفائتنا، أعمق مخاوفنا هي بسبب كوننا أقوياء أبعد من كل المقاييس،إن أكثر ما يخيفنا هو نورنا و ليس ظلامنا ... عندما نسمح لنورنا بأن يشرق، فإننا لا إرادياً نعطي الإذن لغيرنا ليشرقوا كذلك، بتحررنا من مخاوفنا فإن وجودنا يحرر الآخرين تلقائياً .


أيها المتنور دمت مشرقاً 




4 comments:

  1. مقال رائع و ملهم شكرا لك 🌹

    ReplyDelete
  2. شكرا لك يا عزيزي المتنور

    ReplyDelete
  3. سلام ومحبة لروحك الطيبة صديقي محمد أنجار

    ReplyDelete
  4. أيها الرائعون المتنورون مقال رائع انه رسالة من الكون لاستمرارية تنوير لدينا

    ReplyDelete

المشاركة على واتساب متوفرة فقط في الهواتف