مرحباً أيها المتنور
و أنت تشاهد حياةً فوضوية من حولك، و تشاهد ما يحيط بك من أشياء و أحداث، و مواقف بمشاعر الغضب أو النفور
و قد تشاهد نفسك أيضاً كطرف في هذا
ترى أن كل شيء يدفعك لإدراك أن هناك وعياً آخر غير وعينا الفردي؛أنه يمكنك رؤية هذه الأحداث و المواقف بشكل آخر غير الشكل الذي يبدو لك الآن .
إن الوعي الفردي يقحم دائماً منفعته الخاصة في الذي يجري حوله، و رغباته تطغى عليه و كذا مخاوفه تسيطر عليه
و هذا الذي يجعله لا يرى شيئاً آخر غير فردانيته
فرغبات الأنا تملؤ الوعي و تشتت الإنتباه ، و المخاوف لا تترك لنا أية حرية و لا منفذ لإدراك وجود وعي آخر غير حالتنا النفسية
إن رغبات الأنا مجرد فوضى و أخطاء تجعل العقل في حالة من الإرتباك و التردد و الشك و عدم الثقة، لأنها بكل بساطة ليست منفذاً لذاتك الحقيقية بل هي عكس ذلك تماماً .
تنتهي رغبات الأنا في إستيعابك لهذه الحقيقة، تنتهي دوامة النحس و الرفض بهذا الإستيعاب
فدوامة الرفض ليست إلا فكرة لفتت انتباه العقل و أغرقته فيها، و صار انتباهه عالقاً فيها
و لأن الانتباه عالق في الفكرة فلن يدرك شيئاً خارج إطار هذه الفكرة، لأن تلك الفكرة استحوذت على كل الإنتباه و أصبحت إرادتنا رهينة بتلك الفكرة
و الفكرة الدخيلة تستطيع أن تنمو و تتوسع أكثر كلما أخذت بإنتباهنا بعيداً إلى حيث تريد !
و الدوامة تستطيع أن تخضعك و تفقدك طاقاتك الذاتية و تؤثر في كل لحظة من لحظات حياتك، من خلال الرغبة و الخوف;
الرغبة ليست إلا بوابة لتشتيت انتباهك أكثر عنها و الخوف كذلك وسيلة لكبح فضولك و لتحفيز عدم الثقة بداخلك
فالرغبة في شيء يثير غريزتك أو في شيء مغري و ممتع ما هي إلا نتيجة العقل الذي يتكيء على الفكرة و يعتقد بها و يبحث عن الحقيقة من خلالها
الفكرة حين يعتمد عليها العقل يصير في حالة من الإرتباك و الشك و عدم الثقة و بالتالي غير مطمئن و غير راضي و في حالة من المقاومة المستمرة التي تؤدي به إلى الشكوى و التدمر
على العقل أن يكون من خلال نفسه دون الحاجة لتعليمات يتبعها !
على العقل أن يكون من خلال نفسه دون الحاجة لشيء خارجي و دون الإتكاء على أحد.
علينا أن نطمئن أنفسنا دون الحاجة إلى الإعتماد على أي شيء خارجي
علينا أن نكون، فليس هنالك وساطة بينك و بين من تكون
و تلك العملية الآلية التي نمارسها باستمرار في إقحام الأشياء و الأحداث و الأشخاص و الأفكار المختلفة بيننا و بين حقيقتنا لهو شيء مزعج و عمل غير ذكي بتاتاً و هو مكمن الخلل
لا يجب أن تقلد الآخرين و لا يجب أن تتبع تعليمات معينة و لا أن تبحث عن أية حقيقة، و لا يجب أن تسمح بوجود أية سلطة على حريتك النفسية هذه، بل أن تستجمع كل طاقاتك الذاتية لتستوعب و ترى هو كل الحقيقة
و ليست هنالك حواجز و لا عراقيل طالما لا تقلد فكراً ما أو نسخةً ما، و طالما لا تقحم شروطاً على نفسك و لا تفرض على نفسك عادات تقاوم فيها نفسك دون أدنى مبرر
عليك أن تكون أولاً بكل طمأنينة و تسمح لكل شيء آخر بالحدوث,و عليك أن تبقي في ذهنك أن الواقع بكل تفاصيله ليس بيدك أنت بل هو مشيئة الاهية.
أيها المتنور دمت في طمأنينة و سلام
Post a Comment