مرحباً أيها المتنور
إن حالتك النفسية الطبيعية لا تحتاج شيئاً لتكتمل و لا تشترط شيئاً حتى تكتمل، فحالتك النفسية ما هي إلا مرآة ما تعيشه في حياتك اليومية
و الحاجة للإكتمال هي بسبب وجود شيء في واقعك يؤثر عليك سلباً
فهل أنت مستعد لمعرفة ماذا يكون و كيف يؤثر عليك ؟
إذا عرفت مصدر شعورك بالنقص و مصدر شعورك بالتأنيب و غيره من المشاعر ، فقد عرفت الحل أيضاً
فلا إنفصال موجود بينك و بين ما تعيشه، إن كل شيء يعاش في حياتك عبارة عن مشيئة الاهية، و لا يمكنك كوعي فردي إلا التسليم و الرضا بما يحدث سواء كان سلبياً أو إيجابياً، و على الأقل الصبر
فكل ما يحدث من حولنا هو مشيئة الاهية و أية مقاومة أو شكوى أو تذمر أو هروب يكافيء مباشرةً بشيء أسوأ من الذي كنت تعيشه، لذلك لا تصدر أي حكم و لا تبدي آراء سابقة، بل عش مؤمناً بالمشيئة الإلهية
كما لو أنك داخل فيض من السحر حواليك، فلا وجود لك كشخص بل كروح فقط ، كذات معنوية، كلاشيء، كفراغ
و كما لو أن كل شيء يحدث من تلقاء نفسه و كما لو أن كل تفاصيل الواقع ترسم نفسها بنفسها، و كما لو أن كل شخص جزء من هذا السحر و هذه المشيئة الإلهية
فلا تصدر أية أحكام !
من أنت لتصدر أحكاماً ؟ و من أنت لتقرر فجأةً من الجيد و السيء لك ؟
من أنت لتقارن ؟
العقل المنطقي الصارم، له إرادة قوية و يستطيع توجيه انتباهنا بقوة أكبر من جميع القوى الأخرى
لأنه واقعي و لا يعتقد بشيء آخر غير ما يدركه بحواسنا، غير ما نهتم به كثيراً و غير معتقداتنا البديهية و مسلماتنا و لا يمكنه أن يكون غير هذا، و أي شيء مختلف عن الذي اعتاد عليه يتم رفضه و يجعلنا في حالة من الإرتباك و التردد و الخوف و في حالة من الفوضى النفسية المزعجة التي تؤثر كذلك على كل شيء في حياتنا
بينما المجهود العقلي الذي تبذله من أجل الفهم، يكافؤه الرفض و هذا يجعل المرء يشعر بالملل و يتخلى بالتالي عن المحاولة و يتخلى عن بذل المجهود ليستسلم للمنطق الصارم و يعود بأدراجه إلى ما اعتاد عليه و إلى واقعية المنطق الصارم، التي لا تسمح لنا بتجاوز المألوف و المحدد سالفاً من قبل المجتمع و النموذج المروج له بداخل المجتمع على أنه قدوتنا.
فالعقل المنطقي الصارم يخشى إرتكاب أخطاء جسيمة و على هذا الأساس يضع أمامنا قوالب محسوبة المخاطر، و يدفعنا إلى تقليد أناس آخرين و تبني أفكارهم كيفما كانت، حتى لا نفقد ما نملكه و حتى لا نسقط في مشكلات كثيرة نحن في غنى عنها، و ربما أزمات أخرى
لذلك فالعقل المنطقي الصارم يدفعه الحذر و الخوف من الوقوع في أزمات نفسية أو جسدية أو مادية أو إجتماعية و غيرها، لذلك هو مصمم على رفض كل ما هو جديد و كل ما هو مختلف عن الذي اعتاد عليه
و الحرية من هذا كله تكون من خلال استجماع طاقاتك الذاتية و عدم تشتيت انتباهك في إهتمامات متفرقة، و تقبل فوضى العقل المنطقي الصارم على أنها شيء طبيعي و هي نفسها اللاترتيب الذي يسبق الترتيب
و الألم الذي يسبق المتعة و اللامعنى الذي يسبق المعنى
أيها المتنور دمت في حرية
Post a Comment