مشكلة التعاطف

مواضيع مفضلة

الاثنين، 2 ديسمبر 2019

مشكلة التعاطف

مرحبا أيها المتنور
العقل الإنساني و من خلال المراقبة الذاتية يتضح انه مجال مفتوح للأفكار الأخرى بأنواعها و مجال مفتوح للمشاعر الأخرى بكل أشكالها و كذا هناك مجال خاص برغباتنا الجسدية و كذا لتصورات معينة بداخل عقولنا وهذه التصورات هي التي تشكل فيما بعد ما يسمى بالإغراءات التي تجذبنا إليها بشكل مغري.

وإن نوعية البرمجة التي تلقيناها تعمل بشكل كبير جدا في  نوعية التأثير الذي تمارسه الأفكار و كذا المثيرات الخارجية  و التجارب الحياتية الأخرى علينا،

فمثلا :
الإنسان الذي عاش في بيئة يسودها الجهل و العنف و اللانظام، يتأثر بهذه البيئة أكثر، و لاواعيا يكون جزء من نفس تلك البيئة و يجد صعوبة كبيرة في التحرر منها نفسيا و عاطفيا،فالبيئة التي عشنا فيها تساهم إلى اليوم في بناء الجزء الأهم من شخصيتك، فهي التي فرضت عليك نوع معين من الأفكار و هي التي جعلتك تختبر نوع محدد من المشاعر
و الى الآن قد تجد كل طاقاتك موجهة لتغيير هذه الشخصية بالذات.

فالذي يحاول تغيير هذه الشخصية، يحاول تغيير ما تمت برمجته عليه من خلال البيئة التي عاش فيها،
و هو بذلك يبذل ما في وسعه من أجل هذا التغيير، و بينما هو يسعى لذلك يجد نفسه يطلع على أفكار جديدة لم تكن في بيئته القديمة من قبيل #الامتنان و#الشكر و#التقدير و يستطيع تمييز
#التذمر و #الشكوى و هكذا تتكون لذا هذا الفرد القدرة على تمييز بعض المفاهيم والقيم الأخرى ك#السلام و#الحرية و #الجمال وغيرها...

و هنا يكتشف #المتنور ما خفي عنه و يدخل في نطاق بيئة جديدة وبمفاهيم جديدة و كلما تحرر أكثر كلما اكتشف ذاته أكثر، و اكتشف ايضا مدى صعوبة تحرير ذاته.

و يجد المتنور نفسه في مرحلة فاصلة في حياته تائها و حائرا بين سلطة العاطفة و تمييزه العقلاني، فعقلانيته الصارمة فجأة تقف عاجزة أمام العاطفة التي تفعل ما يحلو لها، و تضطر تلك العقلانية لموافقة العاطفة في كل شيء حتى تذوب فيها.



وهنا يضطر العقلاني لاتخاذ #قرارات تخدم مصالح الذي تعاطف من أجله.


فربما هناك من يتعاطف لصالح حزبه أو انتماءه وهناك من يتعاطف لصالح أسرته أو زوجته أو قرابته و غيرها

إن العاطفة لا تحدث بالضرورة مع شخص ما بقدر ما هي تعاليم أو تقاليد نمارسها بشكل متخفي على قدرتنا التمييز بين الجهل و الوعي, فغالبية الناس موجهة بالعاطفة أكثر من العقلانية، لذلك وجب الوعي بقدرة العاطفة على إلغاء العقلانية بشكل مخيف و سريع جدا.


المتنور يدرك هذا و يعمل على التحرر من سلطة  العاطفة و يستوعب حينها أن العاطفة العمياء ما هي إلا  نتيجة عدم القدرة على  #الإستيعاب؛ حين لا نستوعب ما يحدث بعقلانية نتعاطف معه و بالتالي يلغي العقل منطقه و يحاكي مشاعر و أحاسيس الآخر و قد يصل الأمر الوقوف إلى جانب الذي نتعاطف معه  بشكل كامل و بدون شروط.


وهذه العاطفة ساهمت بشكل قوي في بناء شخصيتنا حينها و كذا تبني #قناعات و معتقدات كثيرة و تلقي #برمجات محددة متوافقة والبيئة التي عشنا فيها

لذلك فالتحرر من التعاطف هو التحرر من المحاكاة بالمشاعر و الأحاسيس، لأن هذه المحاكاة توقظ الشعور بالنقص و الذي بدوره يوقظ عملية الإمتثال للذي نتعاطف من أجله، فيصبح شيئا كبيرا بالنسبة لنا و أولوية قصوى يجب التعامل معها بجدية و حزم، وهنا بالذات نمتثل لكل الأشياء والأشخاص و الأحداث التي نتعاطف من أجلها (رغم عدم موافقتنا العقلانية عليها)
وهنا نفقد السيطرة
على اهم جزء في حياتنا و هي الحرية.


و عوض أن نفكر بعقلانية من أجل الاستيعاب، تتحرك العاطفة التي تحرك الشعور بالنقص و الذي يشعر بعقدة النقص غالبا تجده مندفعا للبحث عن كماله في الخارج من خلال علاقات اجتماعية معينة أو من خلال امتلاك الأشياء أو غيرها من الرغبات الأخرى و كذا يصنع بداخل عقله مجموعة من التصورات و التهيئات و الافتراضات و التوقعات التي يسعى من خلالها الوصول إلى الكمال.

و كل هذه الفوضى العارمة و الإنجذاب تصنعه العاطفة.


و الذي يستوعب لا يحتاج عاطفة لأن الإستيعاب هو امتداد لنفس تلك  العقلانية (التي تريد التغيير) على حساب التعاطف.

و إن المتنور لا يحتاج التعاطف النفسي و  يلغيه بشكل نهائي، وبالتالي فإنه يلغي الشعور بعقدة النقص و كذا تلك الرغبات النفسية الأخرى وغيرها من  الافتراضات التي يضعها العقل للخروج من ذلك النقص إلى حالة الكمال،
كما أن التوقعات و التصورات ايضا لا نعتمد عليها في حياتنا العادية، بل يصبح المتنور أكثر عقلانية وواقعية و أكثر يقظة من ذي قبل.

الحرية لك

إرسال تعليق

المشاركة على واتساب متوفرة فقط في الهواتف